فمن قال: له أن يرجع هاهنا وفي الفصل الأول حيث قلنا إن له أن ينفق هو بنفسه، قال في هذين الموضعين: إنما قلنا له ذلك، فإن حاله في التصرف في هذه الدابة كالحكم إن رأى من المصلحة بيعها أو بيع بعضها فله ذلك وكذلك الإجارة في الحكم سواء.
فإن لم يسقها ولم يطعمها فماتت الدابة نظرت: فإن كان قد منعها من العلف في مدة تموت الدابة لمثل تلك المدة لمنع السقي والعلف، فإنه يضمن قيمتها، لأنه معلوم أنها ماتت من منع علفها، وإن كانت مدة لم تمت الدابة لمثل تلك المدة فإنه لا يضمن إذا منعت العلف والسقي.
المسألة الثالثة: إذا أودعه دابة أو عبدا وقال: لا تطمعه ولا تسقه، فإن الحكم في هذه المسألة كالمسألة التي قبلها إذا أطلق حرفا بحرف، إلا في شئ واحد وهو إذا منع الطعام والشراب عنه فماتت، فإن مات في مدة يموت الحيوان لمثل ذلك إذا منع الطعام فهل يضمن قيمة العبد أم لا؟ قيل فيه وجهان، وفي الفصل الأول وجه واحد أنه يضمن وهاهنا وجهان:
أحدهما: يضمن قيمة العبد لأنه مات من منع الطعام، وهو متعد في هذا الموضع لحق الله، وقال غيره: لا يضمن قيمة العبد لأن الضمان كان لمالكه، فإذا أمر بأن لا يسقيه ولا يطعمه فقد رضي بإسقاط حقه وإسقاط الضمان عنه، وهذا هو الأقوى.
وهذا كما لو كان له عبد فأمر بقتله فقتله فإنه وإن كان ليس له قتله فإذا قتله لم يكن عليه ضمان قيمة العبد بل عليه الكفارة.
والمودع إذا حضرته الوفاة فإنه يلزم أن يشهد على نفسه بأن عنده وديعة لفلان، ويشهد حتى لا يختلط بماله ويأخذه ورثته، ولا يقبل قول المودع إلا بالبينة، فإذا لم يكن معه بينة، فالظاهر أن هذا مال الميت فيؤدى إلى هلاك ماله، والحكم في هذه المسألة إذا حضرته الوفاة وإذا كان عنده وديعة وسافر، فإن