أصحابنا من جواز السجود على جص أوقد عليه بالنجاسات، فإذا ثبت هذا فمن قال: الدخان ليس بنجس، فلا كلام، ومن قال: نجس، فإن علق بالثوب منه شئ، فإن كان يسيرا كان معفوا عنه كدم البراغيث، وإن كان كثيرا وجب غسله.
فأما إذا سجر التنور بالأعيان النجسة وتعلق بوجه التنور دخانه، فإن كان نجسا فلا يخبز عليه حتى يزال بمسح أو غيره، فإن خبز عليه قبل المسح كان ظهر الرغيف نجسا ووجهه طاهرا فلا يحل أكله حتى يغسل ظهره، وعلى ما قلناه يسقط عنا جميع ذلك ولا نحتاج إلى ما قالوه.
فأما إذا نجس شئ من هذه الأدهان فهل يجوز غسله أم لا؟ فعندنا لا يجوز غسله ولا يطهر به على حال، وعندهم إن كان مما يختلط بالماء ولا يتميز عنه ولا يعلو عليه لم يجز غسله، وهو السمن، لأنه لا يتأتى فيه الغسل، كاللبن والخلب وما أشبههما.
وإن أمكن غسله بأن يصب الماء فيه فيعلو عليه ويتميز عنه وهو الشيرج والزيت قال قوم: يجوز غسله لأنه ينفصل عن الماء كالثوب، فعلى هذا إذا كان في إناء فكاثره بالماء طهر، وكان الماء طاهرا لكنه ماء أزيل به النجاسة، وقال آخرون: لا يجوز غسله لأنه إنما يطهر ما يعصر منه الماء وتزال النجاسة به عنه، وهما مائعان فلا يتأتى فيه، وهو الذي اخترناه، فمن قال: لا يطهر، قال: لا يجوز بيعه، ومن قال: يطهر، فيهم من قال: يجوز بيعه لأنه نجس بالمجاورة كالثوب النجس سواء، وقال آخرون: لا يجوز بيعه لأنه مائع نجس.
وجملته أن الأعيان النجسة على أربعة أضرب:
نجس العين، وهو الكلب والخنزير وما توالد منهما أو من أحدهما، وما في معناهما وهما ما استحال نجسا كالخمر والبول والعذرة وجلد الميتة فكل هذا نجس العين لا ينتفع به ولا يجوز بيعه.
الثاني: ما ينجس بالمجاورة ولا يمكن غسله، وهو اللبن والخل والدبس