ونحو ذلك، فلا ينتفع به ولا يجوز بيعه بحال.
والثالث: ما ينجس بالمجاورة وينتفع بمقاصده ويمكن غسله وهو الثوب فهذا يجوز بيعه، والبزر مثله.
والرابع: ما اختلف في جواز غسله وهو الزيت والشيرج فمن قال: لا يجوز غسله، لم يجز، ومن قال: يجوز غسله، فالبيع على وجهين، فعندنا وإن لم يجز غسله فيجوز الانتفاع به بالاستصباح، فينبغي أن يقول إنه يجوز بيعه بهذا الشرط.
قد بينا في كتاب الطهارة أن جلد الميتة لا يطهر بالدباغ، وإما أكله حال الضرورة فجملته أن المضطر يحل له الميتة، والمضطر إليها هو الذي يخاف التلف إن لم يأكل، فأما من لا يخاف التلف فهو غير محتاج ولا يحل له لقوله تعالى:
" إنما حرم عليكم الميتة والدم " إلى قوله " فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لا ثم " يعني فمن اضطر في مجاعة غير مرتكب لإثم، وقال تعالى: " وفصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ".
فإذا ثبت أنها حلال للمضطر فإنها حلال له ولمن هو في معناه، وهو من يخاف المرض إن ترك أكلها، أو كان ماشيا في سفر متى لم يأكل ضعف وانقطع عن الرفقة، أو كان راكبا متى لم يأكل ضعف عن الركوب، فإنه يحل أكلها، ومن حلت له الميتة حل له الدم ولحم الخنزير والكلب والإنسان وغيرها من المحرمات، فيحل له كل ما حرم من ميتة ودم ولحم خنزير.
فإذا تقرر هذا في المضطر ثلاث مسائل: له سد الرمق بلا خلاف، ولا يزيد على الشبع بلا خلاف، وهل له الشبع بعد سد الرمق أم لا؟ قال قوم: لا يزيد، وهو مذهبنا، وقال قوم: له الشبع ولا يزيد، فمن قال: له الشبع، فإذا شبع لا يزيد بحال، ومن قال: لا يزيد على سد الرمق، فمتى زاد كان حراما.
وأما وجوب الأكل خوفا على نفسه، قال قوم: يجب عليه، وهو الصحيح عندنا لأن دفع المضار واجب عقلا، ولقوله تعالى: " ولا تقتلوا أنفسكم " وقال:
" ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ".