كان ذبحه قبل إحرامه فقد وجد ميتة وطعاما طاهرا لنفسه، فهو غير مضطر إليها.
يأكل ويفدي عندنا، وإن كان هو الذي ذبحه حال إحرامه فقد مضى القول فيه.
فإن وجد المضطر آدميا ميتا حل له أكله، كما لو كانت الميتة بهيمة، للآيات وعمومها.
وعندنا وعند جماعة لا تحل الميتة للباغي وإن كان مضطرا - وهو الخارج على الإمام - ولا للعادي - وهو قاطع الطريق -.
وفي الناس من يقول: لا يجوز أكل لحم الآدمي بحال للمضطر لأنه يؤدي إلى أكل لحوم الأنبياء، وهذا ليس بصحيح لأن المنع من ذلك يؤدي إلى أن الأنبياء يقتلون أنفسهم بترك لحم الآدمي عند الضرورة، فكان من حفظ النبي في حال حياته أولى من الذي لم يحفظ بعد وفاته، بدليل أن من قتل نبيا حيا ليس كمن أتلف آدميا ميتا.
وأما إن وجد آدميا حيا نظرت: فإن كان محقون الدم كالمسلم والذمي لم يحل قتله لأكله، لأنه محقون الدم على التأبيد، وإن كان مباح الدم كالكافر الأصلي والمرتد والزاني المحصون والمقدور عليه في المحاربة قبل التوبة، كان كالميتة ويؤكل لأنه مباح الدم، فإن إثم عليه في قتله، وهو ميتة بعد قتله، وهو مضطر قد وجد ميتة.
فإن لم يجد المضطر شيئا بحال، قال قوم: له أن يقطع من بدنه المواضع الجسمة كالفخذ ونحوها فيأكله خوفا على نفسه، لأنه لا يمنع إتلاف البعض الاستبقاء الكل، كما لو كان به آكلة أو خبيثة يقطعها، والصحيح عندنا أنه لا يفعل ذلك، لأنه إنما يأكل خوفا على نفسه، وفي القطع منه خوف على نفسه، فلا يزال الخوف بالخوف، ويفارق الخبيثة لأن في قطعها قطع منه خوف على وليس كذلك قطع موضع من بدنه، لأن في قطعه إحداث سراية.
فأما إن وجد المضطر بولا وخمرا، يشرب البول دون الخمر لأن البول لا يسكر ولا حد في شربه، فإن لم يجد إلا خمرا فالمنصوص لأصحابنا أنه لا سبيل