فأما إن لم يكن قادرا على قتاله أو قدر عليه فتركه حذرا على إراقة الدماء نظرت: فإن قدر أن يحتال عليه ويشتريه منه بعقد فاسد، حتى لا يلزمه إلا ثمن مثله فعل، وإن لم يقدر إلا على العقد الصحيح فاشتراه بأكثر من ثمن مثله، قال قوم:
يلزمه الكل لأنه باختياره بذل، وقال آخرون: لا يلزمه الزيادة على ثمن المثل لأنه مضطر إلى بذلها فكان كالمكره عليها، وهو الأقوى عندنا.
هذا كله إن وجد الطعام ولم يجد الميتة.
فأما إن وجد ميتة وطعام الغير، لم يخل صاحب الطعام من أحد أمرين: إما أن يكون حاضرا أو غائبا.
فإن كان حاضرا نظرت: فإن بذله بثمن مثله لم يحل أكل الميتة، فإن قاتله ومنعه لم يكن له قتاله ويعدل إلى أكل الميتة، لأنه إنما يطلب طعام الغير خوفا على الهلاك وفي قتاله غرور بما أراق دما وكان له ترك هذا إلى أكل الميتة.
وإن كان صاحب الطعام غائبا أو حاضرا ضعيفا لا ينهضه به إلى منع المضطر من طعامه قال قوم: ليس له أكل الميتة لأنه قادر على طعام الغير بثمن مثله، وقال آخرون: يأكل الميتة، والأول أقوى عندنا.
إذا وجد المضطر ميتة وصيدا حيا وهو محرم، فعندنا يأكل الميتة لأنه إن ذبح الصيد كان حكمه حكم الميتة، وإن وجده مذبوحا أكل الصيد وفداه ولا يأكل الميتة، وقال بعضهم: يأكل الميتة بكل حال، وقال آخرون: يأكل الصيد ويذبحه ويفديه.
وأما ذكاة المحرم فعندنا وعند جماعة لا تبيح كذكاة المجوسي، وقال آخرون: ذكاته تبيح لغيره ولا تبيح لنفسه، فإذا قلنا: ذكاته لا تبيح، فالميتة أولى، لأن الصيد حرام من وجهين، ومن قال: يحرم عليه وحده، فالصيد أولى عنده، لأن الصيد على هذا طاهر والميتة نجس.
فأما إذا وجد صيدا مذبوحا وميتة نظرت: فإن كان ذبحه حلال في حل فقد وجد ميتة وطعام الغير وقد مضى الحكم فيه، وإن كان هو الذي ذبح الصيد، فإن