دليلنا: إن الذكاة حكم شرعي وليس في الشرع ما يدل على أن هذا يحل أكله، فوجب أن لا يكون مباحا.
وروى سعيد بن جبير عن عدي بن حاتم قال: قلت يا رسول الله إنا أهل صيد وإن أحدنا يرمي الصيد فيغيب عنه الليلتين والثلاث فيجده ميتا وفيه سهمه، فقال: إذا وجدت فيه أثر سهمك ولم تجد فيه أثر سبع وعلمت أن سهمك قتله فكل، فأباحه بشرط أن يعلم أن سهمه قتله، وهذا لا يعلمه أبدا.
وروي أن رجلا جاء إلى عبد الله بن عباس فقال: إني أرمي وأصمي وأنمي، فقال له: كل ما أصميت ودع ما أنميت، يعني كل ما قتلته وأنت تراه ودع ما غاب عنك خبره.
مسألة 10: إذا أدركه وفيه حياة مستقرة لكنه في زمان لم يتسع لذبحه أو كان ممتنعا فجعل يعدو خلفه فوقف وقد بقي من حياته زمان لا يتسع لذبحه لا يحل أكله، وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: يحل أكله.
دليلنا: أن ما اعتبرناه مجمع على جواز أكله وهو إذا أدركه فذبحه فأما إذا لم يذبحه فليس على إباحته دليل، وأيضا روى أصحابنا أن أقل ما يلحق معه الذكاة أن يجده وذنبه يتحرك أو رجله تركض وهذا أكثر من ذلك.
مسألة 11: إذا أرسل كلبه المعلم وسمى عند إرساله على صيد بعينه فقتل غيره حل أكله، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وقال مالك: لا يحل أكله لأنه أمسك غير الذي أرسله عليه فهو كما لو استرسل بنفسه.
دليلنا: قوله تعالى: فكلوا مما أمسكن عليكم، ولم يفرق، وأيضا روى عدي بن حاتم وأبو ثعلبة الخشني أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل مما أمسك عليك، ولم يفرق وإنما اعتبر الإرسال مع التسمية والإمساك فقط ولم يعتبر إمساك ما أرسله عليه بعينه.