دليل، ولأن المرجع في ذلك إلى العرف، ولا يقال في العرف إذا فعل ذلك دفعتين أنه تعلم.
مسألة 3: قد بينا أنه لا يجوز الصيد بغير الكلب المعلم، فإن صيد بغيره وأدرك ذكاته حل أكله إذا ذكي، وإن قتله الجارح لا يحل أكله معلما كان أو غير معلم، وما اصطاده الكلب المعلم وقتله قبل أن يدرك ذكاته ولم يأكل منه شيئا حل أكله، وإن كان أكل منه فإن كان معتادا لذلك لم يحل أكله، وإن كان ذلك نادرا جاز أكله.
وقال الشافعي: كل جارحة معلمة إذا أرسلت فأخذت وقتلت فإن لم تأكل منه شيئا فهو مباح من الطير كان أو من السبع، وإن قتله وأكله، فإن كان طيرا فسيجئ خلافه، وإن كان سبعا فأخذ وأكل واتصل أكله بالقتل قال في القديم:
يحل، وأو ما في الجديد إلى قولين: أحدهما هذا، وبه قال ابن عمر وسعد بن أبي وقاص وسلمان الفارسي وهو مذهب مالك، والثاني في الجديد لا يحل، وبه قال أبو هريرة وابن عباس والحسن البصري والشعبي والنخعي وأحمد، وما قتله قبل هذا ولم يأكل منه شيئا فهو مباح قولا واحدا، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يحل هذا الذي أكل منه، وكلما كان اصطاده وقتله فيما سلف ولم يكن أكل منه.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا فما اعتبرناه مجمع على جواز أكله، وما ذكره الشافعي ليس عليه دليل، وأيضا قوله تعالى: فكلوا مما أمسكن عليكم، ومعناه قتلن ولم يأكلن لأنه إذا أكل فإنما أمسك على نفسه على من أرسله.
وروي عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه وآله قال: ما علمت من كلب ثم أرسلته وذكرت اسم الله عليه فكل مما أمسك عليك، قلت: وإن قتل؟ قال:
إذا قتله ولم يأكل منه شيئا فإنما أمسك عليك، فدل على أنه إذا أكل منه شيئا فقد أمسك على نفسه.