الخنزير؟ فقلت: لا ولكنهم يشربون الخمر فقال لي كل معهم واشرب. 1 فإن الإمام عليه السلام جوز لزكريا الأكل والشرب مع أهله النصرانيين و كان مبتلى بمعاشرتهم والأكل من طعامهم ومماسة آنيتهم ومباشرتها بمجرد أنهم لا يأكلون لحم الخنزير وهذا يدل على طهارة النصارى وإلا لما كان يجوز الإمام مؤاكلتهم.
وفيه أنه وإن كانت الرواية تدل بحسب الظاهر على طهارة النصارى، حيث إن زكريا وحده كان قد أسلم من بين أهله وأسرته وبقي أهله على نصرانيتهم، ولما صرح هو بأنهم لا يأكلون لحم الخنزير أجاز الإمام الأكل و الشرب معهم. إلا أن في الرواية احتمالات أخرى:
أحدها: أن يكون تجويز الإمام لأجل اضطرار زكريا إلى معاشرتهم و مزاولتهم والأكل معهم ومن آنيتهم كما لعله يظهر ذلك من شرائط حاله وشأنه الخاص به حيث إنه كان قد نشأ في رهط نصرانيين وأسلم وحده وبنفسه فهو عرفا في ظروف خاصة وشرائط استثنائية واضطرارية.
ويؤيد ذلك، الخبر الذي رواه علي بن جعفر عن أخيه وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى فانتظر.
ثانيها: أن يكون تجويز الإمام لأجل مصلحة أهم مثل مصلحة ائتلاف قلوب أهله وعائلته وتوجيههم إلى الاسلام كما يؤيد هذا الاحتمال ما نقل من أن أمه قد أسلمت لما رأت من ابنها ما حيرها وأعجبها واستحسنته من محامد الأخلاق والسيرة المحمودة والمواقف المشكورة ومناهج الصلاح والسداد و المداراة معها وأنه يبالغ في الاحسان إليها ويخدمها خدمة صادقة، تلك الصفات الكريمة التي اكتسبها في ظلال الاسلام.