ونحن نقول: لا خفاء في صدر الرواية حيث إن إسماعيل سئل الإمام عن أكل طعام أهل الكتاب ونهاه الإمام في الجواب عن أكله وسكت قليلا ثم نهاه ثانيا عنه وسكت قليلا أيضا فنهاه ثالثا عنه إلا أنه أضاف هنا شيئا وهو قوله: ولا تتركه تقول الخ ومعنى هذه الفقرة: احذر من أن تقول إنه حرام بل اترك طعامهم تنزها عن الخمر ولحم الخنزير وكأنه عليه السلام يقول: إني نهيتك عن أكله لهذه الجهة وقلت لك لا تأكله وفي هذه الفقرة نوع خفاء حيث يحتمل فيها وجهان:
أحدهما: كونها لبيان حكم الله الواقعي المكتوب في اللوح المحفوظ، عاريا عن كل شائبة ولا شك على ذلك في أن دلالة الرواية على مطلوبهم و مرادهم ظاهرة لأنه أسند النهي عن ترك طعامهم إلى التنزه عن الخمر والخنزير.
ثانيها: أنه عليه السلام بين حكم الله بقوله: لا تأكله فنهاه عن أكل طعامهم لنجاستهم عينا وذاتا لكنه أتى بالفقرة الأخيرة رعاية للتقية، حيث إنه بعد ذكر حكم الله الحقيقي لاحظ شأن المجلس وحضور رجال الأمن ومأموري الدولة الظالمة والجواسيس الأشرار والعملاء الأقذار ورآى لزوم رعاية أهل الخلاف اتقاء شرهم فذكر هذه الجملة أو أنه رآى ابتلاء الراوي بهم ولذا قال له: لا تتركه الخ يعني لا يصدر منك القول بالحرمة فإني نهيتك عن أكل لأجل أن أوانيهم متلطخة وملوثة بالخمر ولحم الخنزير - الذين يجتنب عنهما أهل الخلاف أيضا -.
ولا يخفى أن الظاهر من هذين الاحتمالين - بلحاظ افتاء أهل السنة