لأنا نقول إن الملاك هو العلم بالطريق العادي لا المستفاد من طرق غير جلية كالوحي مثلا.
كلمة حول المنافقين ثم إنك قد علمت مما ذكرنا مرارا أن المعيار في الحكم باسلام أحد هو الاقرار بالشهادتين وأنهما تمام حقيقة الاسلام مشروطا بعدم ابراز ما يخالف الاسلام وإلا فهو محكوم بالكفر والارتداد وأمضينا أيضا أن المنافقين كانوا محكومين عليهم بحكم الاسلام وكان النبي يعاملهم معاملة المسلمين لأنهم أظهروا الشهادتين وأقروا بكلمة الاسلام وإن كانوا مضمرين للكفر.
وقد أورد علينا بعض شركاء مجلس الدرس بأنهم وإن أقروا بالشهادتين لكنهم أبرزوا مخالفتهم للاسلام وأنهم بصدد استهزاء المؤمنين كما نص على ذلك القرآن الكريم حيث يقول: " وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون... " 1 فإن قولهم لزملاءهم و شياطينهم: (إنا معكم) وكذا قولهم: (إنما نحن مستهزءون) مخالف لا قرارهم بالشهادة، ورجوع عن الاسلام، وكان اللازم على ما ذكر من المبنى والمعيار في الارتداد أن يحكم النبي بارتداد هم وكفرهم، مع أنه لم يحكم بذلك بل كان يعاشرهم ويجالسهم.
وفيه أن الحكم بالارتداد أو القتل وأمثال ذلك - نظير باب القضاء - تابع لموازين خاصة وقواعد ومعائير مضبوطة لا يتجاوزها بل يدور مدارها نفيا و اثباتا فترى أن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله يقول: (إنما أقضي بينكم