يحذو حذوه، وأما لو كان المراد من الطعام مطلقه الشامل للذبيحة أيضا فليس الاطلاق بنحو يمنع عن جريان الشروط كلها بعد العلم باعتبارها حتى لا يلزم مثلا ذكر اسم الله عليها.
وبعبارة أخرى اطلاق الحل لا يوجب اسقاط الشروط التي نعلم شرطيتها، والحكم بعدم لزوم ذكر اسم الله عليها مع العلم بكونه شرطا تمسكا باطلاق الحل، في غاية الفساد، وبمكان من البطلان، بلا أي خفاء فيه، فهل ترى من نفسك إذا سمعت قول الله تعالى (فكلوا مما أمسكن...) 1 أن تقول إنه مطلق واطلاقه يقتضي الأكل منه بلا أي شرط وقيد حتى يحكم بعدم لزوم التطهير بالنسبة إلى محل ملاقاة فم الكلب منه؟ وهل ترى منافاة بين قوله تعالى: " أحلت لكم بهيمة الأنعام " 2 وقوله تعالى: " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه "؟ 3 كلا فلا يتفوه بذلك فقيه، ولا يمكن المصير إليه أبدا، فالأمر فيما نحن فيه أيضا كذلك حيث إنه دلت الأدلة الشرعية على نجاسة سؤر الكافر أعني الفضلة من شرابه أو البقية من طعامه وما لاقاه بيده أو بدنه رطبا وهذه الأدلة هي ما ذكرناها فراجع.
فحينئذ فإذا سمعنا أن الله حلل لنا طعام الكافر فلا بد وأن نشعر من هذا التحليل المستفاد من الآية الكريمة، الحلية من حيث كونه طعاما ولا منافاة بينها وبين نجاستها لأجل كونه سؤرا له، أو لمسه الطعام مع الرطوبة.
فتحصل أن الآية الكريمة بصدد اثبات مطلب آخر، حيث إن الله تعالى حرض المؤمنين وحثهم على أن يكونوا أشداء وأعزة قبال الكفار وشوقهم على أن ينقطعوا عنهم ولا يعتمدوا عليهم ولا يتخذهم أولياء وبطانة فقال: