وعلى هذا فلا دلالة فيها على طهارة أهل الكتاب التي هي مراد المستدلين بها بل لعل الأمر بالعكس.
ومنها حسنة الكاهلي قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام وأنا عنده عن قوم مسلمين حضرهم رجل مجوسي أيدعونه إلى طعامهم؟ قال: أما أنا فلا أدعوه ولا اؤاكله وإني لأكره أن أحرم عليكم شيئا تصنعونه في بلادكم. 1 فإن الظاهر منها هو جواز دعوة المسلم المجوسي إلى طعامه وإن كان يكره ذلك وإذا جاز ذلك فاللازم هو طهارة المجوسي.
وفيه أنه لا يصح التمسك بها أيضا فإن فيها شائبة التقية بشهادة نفس الرواية وقرينة قوله عليه السلام في آخرها: شيئا تصنعونه في بلادكم فإنه بمنزلة أن يقول: لو أقول إنه حرام يصير سببا لا ذاك وانجر إلى بروز الحوادث و توجه المكاره إليك لأنه شئ دائر بينكم ورائج في بلادكم تصنعونه كثيرا وأنكم تضطرون إلى المعاشرة معهم وإلا فالحكم الواقعي هو الحرمة.
ومنها رواية زكريا بن إبراهيم قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت: إني رجل من أهل الكتاب وإني أسلمت وبقي أهلي كلهم على النصرانية وأنا معهم في بيت واحد لم أفارقهم فآكل من طعامهم؟ فقال لي: يأكلون لحم