ثالثها: أن يكون حكم الإمام بذلك لأجل أنه عليه السلام كان عالما بأنه لا يبتلى بأكل النجس ولا يصادف له ذلك لانتحال أهله الاسلام واقبالهم إلى دين الله قبل مصادفة الأكل معهم. فمع وجود هذه الاحتمالات كيف يمكن الحكم بطهارتهم بمجرد تجويزه الأكل معهم؟ وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.
ثم إن في هذه الرواية كلاما من جهة أخرى وإن لم تكن مرتبطة بمسئلتنا، وهي أن الراوي صرح بأن أهله يشربون الخمر، ومع ذلك أجاز الإمام الأكل و الشرب معهم بعد أن قال زكريا بأنهم لا يأكلون لحم الخنزير وقد فرق بين الخمر والخنزير وهذا يدل على طهارة الخمر.
ويمكن دفع هذا الاشكال بأن آنية الخمر غير آنية الطعام فإن للشراب إناءا خاصا به وللطعام إناءا آخر، هذا بالنسبة إلى الإناء.
وأما بالنسبة إلى الشفة ونجاستها ففيها أنه لا ملازمة بين نجاسة الخمر و نجاسة الشفة فمن الممكن شرب الخمر بنحو لا يتنجس خارج الفم وظاهره.
وإن أبيت إلا عن دلالة هذه الجملة على طهارته فنقول: إنه قد جوز ذلك للاضطرار إليه، أو نقول: إن هذه الرواية من الروايات الدالة على طهارة الخمر و عند معارضتها للأخبار الدالة على النجاسة تقدم الثانية وتطرح ما دلت على الطهارة.
ثم لا يخفى عليك إن هذه الرواية منقولة في الكافي بتفصيل غير مذكور في هذا النقل فراجع. 1