ذلك فأجابه الإمام بما أجابه به.
ويحتمل كون السؤال عن القضية الكلية الحقيقية وجريه على نحو الأسئلة الدائرة بين الناس حيث إنهم عند السؤال عن حكم شئ يضربون المثل على أنفسهم أو على مخاطبهم أو على غائب على سبيل الفرض والتقدير، وغرضهم هو تصوير المسألة واحضارها، وترسيم صورة السؤال وتجسيمها في نظر المخاطب، لا أنه وقعت هذه الواقعة للسائل أو للمخاطب أو غيرهما وابتلى بها خارجا، وبناءا على هذا لا يلزم كون الجارية المذكورة للإمام عليه السلام وأيا ما كان فلا يهمنا ذلك وإنما تعرضنا له لأنه نكتة لا يخلو التنبيه عليها عن الفائدة وإنما المهم في المقام الجواب عنه فنقول:
إنه وإن كان من المحتمل كون السؤال عن وجه استخدام المسلم جارية نصرانية غير مبالية بالطهارة والنجاسة، وهي تجنب ولا تغتسل - ولا يصح غسلها لو اغتسلت - ولازم هو تنجس أثاث البيت مثلا فأجاب الإمام بجواز ذلك معللا بأنها تغسل يديها أي لا تتنجس الأثاث لغسلها يديها، وعلى هذا الاحتمال تكون الرواية دليلا لهم وناطقة بما حاولوا اثباته واستدلوا بها عليه أعني طهارة أهل الكتاب ذاتا.
إلا أن فيها احتمالا آخر أظهر وأقوى من الاحتمال المزبور وهو أن يكون السؤال عن أصل جواز الاستخدام وعدمه، وكان السائل يستبعد جواز استخدام المسلم النصرانية خصوصا بملاحظة أنها لا تغتسل ولا تتوضأ، فذكر هذه الأمور و الجهات لم يكن لأجل كونها مدارا للسؤال بل تمام المدار في السؤال هو استخدام النصرانية بلحاظ كونها نصرانية، وكان ذكر الجهات المذكورة لأجل اظهار مزيد التنفر منها، واستبعاد جواز أن تكون خادمة للمسلم، وبعبارة أخرى كان لتقريب عدم الجواز، وقد أجاب الإمام بالجواز، وعدم البأس لأنها بغسل.