التقليد في الجملة، ولا ريب أنه إذا كان المجتهدان متساويين من جميع الجهات، في جواز الرجوع إلى كل منهما تخييرا بحكم العقل، بعد عدم جواز طرح قولهما، وعدم وجوب الأخذ بأحوطهما، ويستكشف من حكم العقل حكم شرعي بجواز الرجوع إلى كل منهما تخييرا.
فإذا صار أحدهما أعلم من الآخر، يشك في زوال التخيير، فيستصحب بقاؤه، ويتم في غيره بعدم القول بالفصل (1).
وأجيب عنه: بأن الاستصحاب غير جار في الأحكام العقلية، لامتناع حصول الشك مع بقاء الموضوع بجميع حدوده، فالشك فيها معلول اختلاف الموضوع، ومعه لا يجري الاستصحاب (2).
وفيه: أن جريانه في نفس حكم العقل وإن كان ممنوعا، لكن في الحكم الشرعي المستكشف منه، لا مانع منه من قبل اختلاف الموضوع، لأن اختلافه عقلا لا يضر به مع بقائه عرفا.
والحق في الجواب أن يقال: إن الحكم الشرعي المستكشف من حكم العقل - بناء على تمامية الملازمة - لا يعقل أن يكون مناطه غير مناط حكم العقل، ومع زوال المناط لا يعقل بقاؤه، كما لا يعقل بقاء حكم العقل.
ففيما نحن فيه، إذا كان حكم العقل بالتخيير بمناط تساويهما، واستكشف حكم شرعي متعلق بالموضوع لأجل هذا المناط، فلا يعقل بقاء حكم العقل