الاجتهاد والتقليد - السيد الخميني - الصفحة ١٤
وتكمل فيه، فإن الاجتهاد من العلوم العملية، وللعمل فيه دخالة تامة، كما لا يخفى.
ومنها: الفحص الكامل عن كلمات القوم، خصوصا قدماؤهم الذين دأبهم الفتوى بمتون الأخبار، كشيخ الطائفة (1) في بعض مصنفاته (2)، والصدوقين (3)، ومن

١ - شيخ الطائفة: هو شيخ الطائفة المحقة، ورافع أعلام الشريعة الحقة، إمام الفرقة بعد الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي البغدادي الغروي. ولد بطوس سنة ٣٨٥ ه‍، وحينما بلغ الثالثة والعشرين من عمره المبارك هاجر إلى بغداد، فتلمذ عند الشيخ المفيد نحوا من خمس سنين حتى وفاته، ثم التحق بالسيد المرتضى، فلازمه نحوا من ثمان وعشرين سنة، ثم استقل بزعامة الطائفة ورئاستها، وصارت داره جامعة تضم أكثر من ثلاثمائة مجتهد من الخاصة، كالشيخ آدم بن يونس النسفي، والشيخ أحمد بن الحسين الخزاعي النيسابوري، والشيخ أبو الصلاح الحلبي، والشيخ أبو علي الحسن ابن شيخ الطائفة نفسه، وغيرهم من علماء الأمة. وقد كان (رحمه الله) ذا إحاطة تامة بمذاهب أهل السنة، لذا عده السبكي - سهوا - في طبقاته من علماء الشافعية. كما كان خبيرا بعلم الكلام ملما بدقائقه وخفاياه، ولعل أبرز ما أنجزه الشيخ الطوسي هو أنه أدخل عنصر الاجتهاد على الفقه الإمامي، ونحا به منحى أصوليا بعد أن كان أخباريا في نزعته، لا يتجاوز نقل الروايات بألفاظها أو بعبارات أخرى على أحسن تقدير، كما صرح به الشيخ نفسه في مقدمة كتابه المبسوط.
توفي (رحمه الله) سنة ٤٦٠ ه‍، ودفن بداره في الغري، التي صارت بعد ذلك مسجدا يعرف باسمه.
أنظر خاتمة المستدرك ٣: ٥٠٥، ومقدمة العلامة الحجة آغا بزرگ الطهراني على تفسير التبيان.
٢ - أي النهاية في مجرد الفقه والفتاوى.
٣ - الصدوقان هما: علي بن الحسين بن بابويه القمي، وولده محمد رحمهما الله تعالى:
أما الأب، فهو الشيخ الأقدم، والطود الأشم، العالم الفقيه المحدث، صاحب المقامات الباهرة، والدرجات الرفيعة، أبو الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي. خاطبه الإمام العسكري (عليه السلام) - على ما عن الاحتجاج - بقوله: (أوصيك يا شيخي ومعتمدي وفقيهي، أبا الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمي، وفقك الله لمرضاته، وجعل من ولدك أولادا صالحين...) وكان (رحمه الله) أول من ابتكر طرح الأسانيد، والجمع بين النظائر والآتيان بالخبر مع قرينه، وذلك في رسالة الشرائع التي ألفها لولده وبعض فقراتها مذكور في الفقيه والهداية والمقنع لابنه. ونظرا للثقة المطلقة التي منحها الأصحاب إياه، ولاعتمادهم المطلق عليه، لذا فقد كانوا يأخذون الفتاوى من رسالته إذا أعوزهم النص، وهذا من متفرداته قدس الله نفسه الزكية. مات (رحمه الله) سنة ٣٢٩ ه‍.
أنظر رجال النجاشي ٢٦١ / ٦٨٤، وخاتمة المستدرك ٣: ٥٢٧ - ٥٢٩.
وأما الابن، فهو شيخ من مشايخ الشيعة، وركن من أركان الشريعة، رئيس المحدثين، والصدوق فيما يرويه عن الأئمة (عليهم السلام)، أبو جعفر محمد بن علي القمي. ولد في حدود سنة ٣٠٥ ه‍ بدعاء صاحب الأمر (عليه السلام)، ونال بذلك عظيم الفضل والفخر. وصفه الإمام (عليه السلام) في التوقيع الخارج من ناحيته: بأنه (فقيه خير مبارك ينفع الله به) فكان منذ حداثته أعجوبة عصره في كثرة حفظه، وكلما روى شيئا تعجب الناس منه قائلين: هذا الشأن خصوصية لك ولأخيك، لأنكما ولدتما بدعاء الصاحب (عليه السلام). ولا غرو في ذلك فقد ورد الصدوق بغداد وهو حدث السن، فسمع منه شيوخ الطائفة، كمحمد بن هارون التلعكبري، والمفيد، والحسين الغضائري، ووالد الشيخ النجاشي، وجعفر بن حسكة القمي، ومحمد بن سليم الحمراني، وغيرهم من أعاظم الطائفة. له نحو من ثلاثمائة مصنف، أهم ما وصل منها كتاب من لا يحضره الفقيه، والتوحيد، والخصال، وعلل الشرائع، وغيرها ومنها الهداية والمقنع فكثير من عبائرهما مطابق لمتون الأخبار. توفي (رحمه الله) بالري سنة ٣٨١ ه‍.
أنظر تنقيح المقال ٣: ١٥٤، وخاتمة المستدرك ٣: ٥٢٤ - 525.
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة التحقيق الفصل الأول: ذكر شؤون الفقيه مقدمة التحقيق 1
2 الفصل الأول: ذكر شؤون الفقيه 5
3 الامر الأول: حكم من له قوة الاستنباط فعلا 6
4 الامر الثاني: بيان مقدمات الاجتهاد 9
5 الامر الثالث: البحث حول منصب القضاء والحكومة 18
6 القضاء والحكومة في زمان الغيبة 20
7 في الاستدلال بمقبولة عمر بن حنظلة 26
8 هل الاجتهاد المطلق شرط أم لا؟ 30
9 الاستدلال بروايتي القداح وأبي البختري 32
10 بحث حول مشهورة أبي خديجة وصحيحته 34
11 فيما استدل به على استقلال العامي في القضاء وجوابه 39
12 وجه آخر لجواز الرجوع إلى المقلد وجوابه 48
13 هل يجوز للفقيه نصب العامي للقضاء أم لا؟ 50
14 هل يجوز توكيل العامي للقضاء؟ 54
15 الامر الرابع: تشخيص مرجع التقليد والفتوى 58
16 تقرير الأصل في جواز تقليد المفضول 60
17 بحث حول بناء العقلاء 63
18 إشكال على بناء العقلاء 64
19 جواب الاشكال 69
20 تعارف الاجتهاد سابقا وإرجاع الأئمة (عليهم السلام) شيعتهم إلى الفقهاء 70
21 تداول الاجتهاد في عصر الأئمة: 70
22 ما يدل على إرجاع الأئمة إلى الفقهاء 78
23 عدم ردع الأئمة (عليهم السلام) عن ارتكاز العقلاء كاشف عن رضاهم 81
24 كيفية السيرة العقلائية ومناطها 82
25 هل ترجيح قول الأفضل لزومي أم لا؟ 87
26 أدلة جواز الرجوع إلى المفضول 89
27 الأول: بعض الآيات الشريفة 89
28 الثاني: الاخبار التي استدل بها على حجية قول المفضول 95
29 فيما استدل به على ترجيح قول الأفضل 104
30 في حال المجتهدين المتساويين مع اختلاف فتواهما 111
31 الاستدلال على التخيير بين المتساويين بأدلة العلاج 114
32 الفصل الثاني: في أنه هل تشترط الحياة في المفتي أم لا؟ 119
33 التمسك بالاستصحاب على الجواز 120
34 إشكال عدم بقاء موضوع الاستصحاب والجواب عنه 122
35 تقرير إشكال آخر على الاستصحاب 126
36 التفصي عن الاشكال 130
37 حال بناء العقلاء في تقليد الميت 132
38 الفصل الثالث: في تبدل الاجتهاد 135
39 تكليف المجتهد عند تبدل رأيه 135
40 حال الفتوى المستندة إلى القطع 135
41 حال الفتوى المستندة إلى الامارات 136
42 حال الفتوى المستندة إلى الأصول 138
43 في الإشارة إلى الخلط الواقع من بعض الأعاظم في المقام 143
44 تكليف المقلد مع تبدل رأي مجتهده 144
45 الضميمة 149
46 الفصل الرابع: هل التخيير بدوي أو استمراري؟ 151
47 الفصل الخامس: في اختلاف الحي والميت في مسألة البقاء 157
48 هل يرجع بفتوى الثالث إلى الأول أو الثاني؟ 158
49 كلام العلامة الحائري (قدس سره) 159
50 الايراد على مختار العلامة الحائري (قدس سره) 162