والعقليات الرقيقة وبين المعاني العرفية العادية، فإنه كثيرا ما يقع الخطأ لأجله، كما يتفق كثيرا لبعض المشتغلين بدقائق العلوم - حتى أصول الفقه بالمعنى الرائج في أعصارنا - الخلط بين المعاني العرفية السوقية الرائجة بين أهل المحاورة المبني عليها الكتاب والسنة، والدقائق الخارجة عن فهم العرف.
بل قد يوقع الخلط لبعضهم بين الاصطلاحات الرائجة في العلوم الفلسفية أو الأدق منها، وبين المعاني العرفية، في خلاف الواقع لأجله.
ومنها: تعلم المنطق بمقدار تشخيص الأقيسة، وترتيب الحدود، وتنظيم الاشكال من الاقترانيات وغيرها، وتمييز عقيمها من غيرها، والمباحث الرائجة منه في نوع المحاورات، لئلا يقع في الخطأ، لأجل إهمال بعض قواعده. وأما تفاصيل قواعده ودقائقه الغير الرائجة في لسان أهل المحاورة، فليست لازمة، ولا يحتاج إليها في الاستنباط.
ومنها: - وهو من المهمات - العلم بمهمات مسائل أصول الفقه، مما هي دخيلة في فهم الأحكام الشرعية. وأما المسائل التي لا ثمرة لها، أو لا يحتاج في تثمير الثمرة منها إلى تلك التدقيقات والتفاصيل المتداولة، فالأولى ترك التعرض لها، أو تقصير مباحثها والاشتغال بما هو أهم وأثمر. فمن أنكر دخالة علم الأصول في استنباط الأحكام (1)، فقد أفرط، ضرورة تقوم استنباط كثير من الأحكام بإتقان مسائله، وبدونه يتعذر الاستنباط في هذا الزمان، وقياس زمان أصحاب