يكن اللَّه تبارك وتعالى ليجعل ابن بنت رسوله على خطأ، وليس مثلك في طهارته وموضعه من الرسول ان يسلم على يزيد بن معاوية باسم الخلافه، ولكن أخشى أن يضرب وجهك هذا الحسن الجميل بالسيوف وترى من هذه الأمة ما لا تحب، فارجع معنا الى المدينة، وان شئت أن لا تبايع فلا تبايع أبداً واقعد في منزلك.
فقال له الحسين: هيهات يا ابن عمر، ان القوم لا يتركوني ان أصابوني، وان لم يصيبوني فانهم يطلبوني أبداً حتى أبايع وأنا كاره أو يقتلوني، ألا تعلم- أبا عبد الرحمن- أن من هوان هذه الدنيا على اللَّه أن يؤتى برأس يحيى بن زكريا الى بغيّ من بغايا بني اسرائيل، والرأس ينطق بالحجّة عليهم، فلم يضر ذلك يحيى بن زكريا بل ساد الشهداء فهو سيدهم يوم القيامة، ألا تعلم- أبا عبد الرحمن- أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس سبعين نبياً ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كأنهم لم يصنعوا شيئاً، فلم يعجّل اللَّه عليهم، ثم أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر ذي انتقام. فاتق اللَّه يا أبا عبد الرحمن ولا تدعنّ نصرتي يا ابن عمر ...
فبكى ابن عباس وابن عمر ذلك الوقت بكاءاً شديداً، وبكى الحسين معهما ثم ودّعهما فصار ابن عباس وابن عمر إلى المدينة وأقام الحسين بمكة» «1».
روى ابن قولويه بإسناده عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «كتب الحسين بن علي من مكة إلى محمّد بن علي:
بسم اللَّه الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى محمّد بن علي ومن قبله من بني هاشم، أما بعد، فان من لحق بي استشهد ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح،