بفراقك فلا نشك في الخيرة لك يرحمك اللَّه، ثم انصرف رحمه اللَّه عن قبره» «١».
قال ابن قتيبة: «فلما كانت سنة احدى وخمسين مرض الحسن بن علي مرضه الذي مات فيه، فكتب عامل المدينة إلى معاوية يخبره بشكاية الحسن، فكتب اليه معاوية: ان استطعت أن لا يمضي يوم يمر ألا يأتيني فيه خبره فافعل، فلم يزل يكتب اليه بحاله حتى توفي، فكتب اليه بذلك فلما أتاه الخبر أظهر فرحاً وسروراً حتى سجد وسجد من كان معه، فبلغ ذلك عبد اللَّه بن عباس وكان بالشام يومئذٍ فدخل على معاوية فلما جلس قال معاوية: يا ابن عباس هلك الحسن بن علي فقال ابن عباس: نعم هلك «إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ» ترجيعاً مكرراً وقد بلغني الذي أظهرت من الفرح والسرور لوفاته، أما واللَّه ما سد جسده حفرتك ولا زاد نقصان أجله في عمرك، ولقد مات وهو خيرٌ منك. ولئن أصبنا به لقد أصبنا بمن كان خيراً منه جده رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فجبر اللَّه مصيبته وخلف علياً من بعده أحسن الخلافة ثم شهق ابن عباس وبكى من حضر في المجلس وبكى معاوية. فما رأيت يوماً أكثر باكياً من ذلك اليوم.
فقال معاوية: انه ترك بنين صغاراً، فقال ابن عباس: كلنا كان صغيراً فكبر، قال معاوية: كم أتى له من العمر؟ فقال ابن عباس: أمر الحسن أعظم من أن يجهل أحد مولده قال: فسكت معاوية يسيراً، ثم قال: يا ابن عباس أصبحت سيد قومك من بعده.
فقال ابن عباس: أما ما أبقى اللَّه أبا عبد اللَّه الحسين فلا، قال معاوية: للَّه أبوك يا ابن عباس، ما استنبأتك الّا وجدتك معدّاً» «2».