وسلّم ما لم يشاركه فيه أحد لكثرته، وورد في القرآن العظيم منها ما هو مشهور فلا يحتاج إلى ذكره لشهرته.
وروي عن الصحابة والتابعين وأئمة السلف من الثناء عليه والإجماع على فضله ما يدل على أن كل أحد بفضيلته اعترف ومن بحور علومه الزاخرة استمد واغترف، وذلك من باب انما يعرف الفضل لذي الفضل ذوو الفضل، وأقر بتقدمه وفضله العدوّ العنيد والصديق «1».
وقال: فأما علي بن أبي طالب- كرم اللَّه وجهه ورضي اللَّه عنه- فتواضعه وورعه وزهده أشهر من أن يذكر حتى طلّق الدنيا ثلاثاً، وقال لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها، وتقدم جواب ضرار الضبابي لمعاوية لما قال له صف علياً، وتقدم طرف من أحواله، وقد روى بعضهم في سبب مفارقة عقيل بن أبي طالب لأخيه علي- رضي اللَّه عنهما- أن علياً رضي اللَّه عنه كان يعطيه كل يوم من الشعير ما يتقوّت به هو وعياله، فطلب أولاد عقيل من ابيهم مريساً فجعل يأخذ كل يوم من الشعير الذي يعطيه أخوه قليلًا، ويعزله حتى إجتمع مقدار ما يجعل بعضه في التمر وبعضه في السمن وخبز بعضه وصنع لعياله مريساً، فلم تطب نفوسهم بأكله دون أن يحضر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم اللَّه وجهه ويأكل منه، فذهب إليه عقيل والتمس منه أن يأتي منزله فلما قدم المريس بين يديه، سأله عنه فحكى له كيف صنع، قال: وهل كان يكفيكم ذاك بعد الذي عزلتم منه فقال:
نعم، فلما كان في اليوم الثاني جاء ليأخذ الشعير فنقص منه أمير المؤمنين مقدار ما كان يعزل عقيل كل يوم وقال: إذا كان في هذا ما يكفيك فلا يحل لي أن أعطيك