مبلغاً عظيماً ويحصل له ما لا يحصل لغيره، هذا بيان إجمالي، وذلك أن العلم في الصغر كالنقش في الحجر، والعلم في الكبر كالنقش في المدر.
وأما التفصيل فيدل عليه وجوه:
الأول: قوله صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم أقضاكم علي، والقاضي محتاج إلى جميع أنواع العلوم فلما رجحه على الكل في القضاء لزم ترجيحه عليهم في جميع العلوم، أما ساير الصحابة فقد رجح كل واحد منهم على غيره في علم واحد كقوله صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم أفرضكم زيد، وأقرؤكم ابي، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأبو ذر أصدقكم لهجة. وكان صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم قد أوتي جوامع الكلم وخواتمه، فلما ذكر لكل واحد فضيلة وأراد أن يجمعها لابن عمه بلفظ واحد كما ذكر لأولئك، ذكره بلفظ يتضمن جميع ما ذكره في حقهم، وانما قلنا ذلك لأن الفقيه لا يصلح لمرتبة القضاء حتى يكون عالماً بعلم الفرائض والكتاب والسنة والكتابة والحلال والحرام، ويكون مع ذلك صادق اللهجة، فلو قال: قاضيكم علي كان متضمناً لجميع ما ذكر في حقهم فما ظنّك بصيغة أفعل التفضيل، وهو قوله صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم: أقضاكم علي.
الثاني: ما روي أن عمر أمر برجم امرأة ولدت لستة أشهر، فرفع ذلك إلى علي فنهاهم عن رجمها، وقال: أقل مدة الحمل ستة أشهر فأنكروا ذلك فقال: هو في كتاب اللَّه تعالى قوله عز اسمه «وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً» «١» ثم بين مدة إرضاع الصغير بقوله: «وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ» «2» فتبين من مجمع الآيتين أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، فقال عمر: لولا علي لهلك عمر.