تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٢ - الصفحة ٨٥
معلومة أولا وكلها إما تامة أو ناقصة وأنواعها كثيرة كالصرع والماليخوليا والسرسام وكل في موضعه [جبر] حقيقته رد العضو إلى الحالة الطبيعية عند عروض ما يخرجه عنها وكثيرا ما تطلقه العامة على كسر العظام خاصة والأول هو الأصل وهو والجراحات عين تفرق الاتصال غير أن الحكماء فضلا عن الأطباء لما رأوا هذه العلة مما تعرض لكل جزء من البدن اصطلحوا على تسمية طروها لكن عضو باسم خاص لتعلم في تفريق العلاج وقد يلزم بعضها بعضا كالرض فإنه من لوازم الكسر دون العكس كذا صرح العلامة في شرح القانون حيث قال وبين الكسر والرض موجبة كلية تنعكس جزئية يريد كل كسر يلزمه الرض ولا عكس ثم زوال العضو عن تركيبه بخلقته إن وقع في عظم واحد كأن تجزأ كبارا أو صغارا أو تشظى فكسر أو في عظمين بالحالة المذكورة فكذلك أو بمجرد مفارقة أحدهما للآخر فخلع أو اختص التفرق بالعصب طولا فشق وفى الأصح أن الشق يقع في العظم أو عرضا فبتق بالموحدة فالمثناة الفوقية أو في العضل طولا ففسخ أو عرضا فهتك أو في الشريان طولا فبزق بالمعجمة أو عرضا فبثق بالمثلثة أو في الأوردة فبتر أو في الأوتار والأعصاب معا فرض كذا قال سيقوليوس وعندي أن الرض فساد ما فوق العظم من عصب وغيره ولو غشاء وقد يخص الرض بما حصل من ضربة أو صدمة ولم يخرج منه دم وفى كلام أبقراط ما يؤيده وتظهر الفائدة في العلاج وفروعه. إذا تقرر هذا فالكسر عبارة عن انفصال أجزاء العظم أو العظام بحيث يصير الجزء الواحد بعد شكله الطبيعي جزأين فصاعدا وكل إما صغار أو كبار وكل إما مع الشظايا أولا وكل إما بحيث لو ألقيت لانتظمت طبيعية أولا فهذا ما يمكن تقسيمه هنا.
(العلاج) ملاك الامر فيه الرد إلى النظم الطبيعي ولكن هو مزلة الانظار فيجب تحريه ما أمكن وذلك بأن الكسر قد تفحش فيه المفارقة بحيث يظهر للبصر وقد لا يدرك إلا باللمس وفى الحالتين قد ينقشر الجلد عنه فيرى وحينئذ يكون سهلا وقد لا ينقشع فيعسر خصوصا في الحالة الثانية ومن الكسر ما يظهر بالسماع عند حركة العظم كما إذا وقع في عظم لا يستقل بالحركة كوسط المشط وهذا دقيق وكيف كان فلا يخلو إما أن يكون الجبر حال الكسر والعظم باق على حرارته وهذا في غاية السهولة أو بعد ساعات فإن كان الزمان حارا فكالأول وإلا وجب السكون ساعات في نحو حمام لتحل الحرارة ما عساه أن يكون قد جمد من دم يمنع التقاء الجزأين أو بعد أيام وهذا قسمان: أحدهما أن يكون جبرا فاسدا فخرج عن أصل الخلقة بتحديب أو تقعير أو تقصع أو فجج فهذا يحتاج إلى تلطف في الفك بعد تنطيل بماء حار وصابون وفرك وجذب بحيث يصير العظم كما كسر ثم يعاد.
وثانيهما أن يبقى على كسره وهذا أصعب الجميع مزايلة وأبعدها عن الجبر خصوصا إن كان التفرق خفيا لانعقاد نحو الدشيذ بين الفرج وفى كشفه مشقة إذا عرفت هذا فيجب التسوية بمد العضو وإمرار اليد وإلحام الاجزاء فإذا استوثق من ذلك غشاه بالخرق الصفاق وربط فوق الكسر بوثاقة صاعدا إلى الاعلى ثم منه إلى الأسفل ربطا متوسطا لما في الشد الشديد من حبس المواد وإضعاف العضو وتعفينه إن أبطأ الحل وفى الرخو من الانحلال والتفريق وصب الرطوبات المائعة من الفصد ثم يعمد بعد تفقد الأربطة إلى ترقيدها وتسوية ما بين فرجها ثم ينحت من خشب العناب أربع قطع رقيقة فيرفد بها العضو وإلا فمن الآس ثم يثبتها كذا قالوه وعندي أن الخشب المذكور يجب أن يكون من نحو التنوب والدفران لما فيه من جذب الدم إلى المحل ثم إن لم يكن هناك جرح ألصق على العضو من الزفت والشمع والصمغ والأقاقيا والكرسنة ما يمسك تفرقه ويجذب إليه غذاءه ثم ينظر في مزاجه نظرا طبيعيا فيزيل ما عنده من الاخلاط الحادة المائعة من
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الرابع في تفصيل أحوال الأمراض الخ 2
2 حرف الألف 8
3 فصل في حال الدليل 24
4 فصل في أحكام القرآن 31
5 فصل في ذكر ما يومى اليه الكسوف والخسوف من الدلالة الخ 32
6 فصل في تقرير المبادي ووجه التعلق باستخراج الضمائر وارتباط العوالم الخ 33
7 فصل في خصوصيات الأدلة باعتبار الكواكب 35
8 فصل في أحوال الضمير والخلاف فيه 35
9 حرف الباء 38
10 الفصل الأول في صفة البيطار 51
11 الفصل الثاني في آلاته 51
12 الفصل الثالث في موضوع هذه الصناعة ومباديها وما يجب أن يعرفه الخ 52
13 الفصل الرابع فيما يختار منها وذكر عمرها وما يستدل به على سنها وغير ذلك 52
14 فصل ولما كان التشريح من أهم ما يجب أن يعرفه الطبيب قبل طب الإنسان الخ 3 5 فصل في الأخلاق السيئة في الحيوان الخ 54
15 فصل في ذكر أشياء تجري مجرى الفراسة من الإنسان الخ 55
16 فصل وإذ قد فرقنا من جزء العلم في هذه الصناعة فلنقل في عملها ما فيه كفاية الخ 56
17 فصل في علاج سمومها وذكر ما زاد على الإنسان 60
18 فصل في المختار من أدوية العين الخ 60
19 خاتمة تشتمل على ذكر ما يجري هنا مجرى الجزئيات من طب الإنسان 60
20 حرف الجيم 70
21 فصل ينبغي لمن أراد التلذذ به الميل بأغذيته إلى الحار الرطب الخ 72
22 (جغرافيا) 87
23 حرف الدال 91
24 حرف الهاء 101
25 هندسة 104
26 فصل في السطوح 106
27 فصل في الأشكال 106
28 فصل قد تقرر في قاطيغوريا أن السطح الخ 106
29 حرف الواو 110
30 حرف الزاي 114
31 حرف الحاء 121
32 فصل في ذكر الأدوية الموجبة للحبل 145
33 حرف الطاء 150
34 (طلسمات) 154
35 فصل في تشعبات أهل هذه الصناعة 156
36 فصل في الشروط الخاصة ملتقطة من كلام الرازي 157
37 فصل فيما يخص كل كوكب وبرج الخ 157
38 فصل في الأعمال وتدريجها إلى الكمال 160