احتراق السوداء داخل العروق لمامر من أن الدائم من الاخلاط هو ما تعفن داخلها فان قيل إنما سميت الربع ربعا لمجيئها في الرابع والغب غبا لمحيئها في الثالث أو الثاني على ما مر فلم تسمعون الدائمة ربعا قلنا لاشتدادها في الرابع بالنسبة إلى الباقي في كل دور كذا كل دائمة تشتد يوم النائبة منها أكثر وعلامة هذه الحمى قلة النافض وسخونة الباطن واليبس والكمودة ورصاصية اللون (وعلاجها) وأقسامها كالدائرة منه من غير زيادة إلا في الكائنة عن الدم منها فإنه يفصد فيها الصافن أواخر العلاج وينبغي فيه الانضاج أكثر والقئ حتى يرى منها التحليل ورأيت أن من علامات تحليلها تسويد الشعر الشائب لشدة طبخها المواد وعملها في الرطوبة الغريبة فتسود كما هو شأن الحرارة القريبة فيها ومتى اشتدت بيضت لفرط الاحتراق كما في الخطب إذا أحرق لحما فإنه يسود لغناء الرطوبة فإذا تزايد أبيض لفرط الاحتراق وكثيرا ما يخلص من هذه ملازمة شرب البسفايج مطبوخا بالزبيب محلى بالسكر [الحمى الفائتة] وتسمى المتراقية والمتعدية عن المجرى الطبيعي وهذه تسمى باسم أدوارها فيقال حمى خمس إن وقعت كل خامس وهكذا وأنكاها حمى الخمس ووجودها إجماعي وأما ما فوقها فجالينوس ينكره وغيره يثبته حتى ادعى القرشي أنه رأى حمى تنوب كل ثامن عشر. وحاصل القول في أمثال هذه أن مادتها عن الخلطين الباردين فغلظت واشتد يبسها وجالينوس يقول على تقدير وجود ذلك قد لا يكون عن تعفن بل لسوء تدبير وخلاف عادة (وعلاج هذه الأنواع) بالتسخين والتلطيف وأخذ ما يستفرغ الباردين مع إجراء البدن في ذلك كله على مجرى الصحة في الأغذية وليس لي في هذه علاج مجرب لانى لم أر شيئا منها ولكني أقول بحثا إنه إذا نضج البسفايج طبخا وشرب ماؤه حارا بالاورمالى كان علاجا ناجحا لتحليل الأول السوداء والثاني البلغم الغليظ لتلطيفه.
* (تنبيه) * لم يقع للأطباء ذكر مقدار كمية الاخلاط أصلا وقد ظهر لي من نوب الحمى وفتراتها ما قاله الملطي أنه يمكن الوصول إلى ذلك فإنه لما كانت حمى الدم مطبقة وكانت إما زائدة وهى التي تتداخل أزمنتها أو مصاحبة ويقال ناقصة وهى التي لها فترة في الجملة أو مساوية وهى التي تواصل انحلال ما انصب منها بانصباب ما تعفن إلى مستوقد العفونة من غير فترة محسوسة وكانت هذه معتدلة بالنسبة إلى الأولين كانت نسبتها إلى ست ساعات وهى فترة البلغم نسبة الستة إلى الواحد وكذلك فترة البلغم إلى الصفراء وأما الصفراء بالنسبة إلى الربع فمرة وثلث لأنها ست وثلاثون وتلك ثمان وأربعون فعلى هذا إذا اعتدل البدن والغذاء والسن والزمان والمكان كان أكثر المتولد الدم والبلغم كسدسه والصفراء كسدس البلغم والسوداء مثل نصف الصفراء وربها فافهمه فإنه جيد تبنى عليه مقادير الأدوية. ولما كانت أجناس الحمى كما علمت ثلاثة وكان الأول منها مقصورا على ما كان منه فإذا تجاوز دخل العفونة وكان الثالث غير منتقل عن غايته لاجرم كان العمدة على جنس العفن وهو مقول على أنواع تنقسم إلى بسائط وقد عرفت أحكامها وإلى مركبات وتسمى المختلطة وهى إما أن تتركب من خلطين حقيقيين فأكثر وهذا هو الأصل وقد تكون عن خلط واحد لكنه قد خرج عن غالب صفاته كالبلغم الزجاجي وإطلاق التركيب أو الاختلاط على مثل هذه اصطلاحي ثم المركبة كيف كانت قد تكون مركبة بحسب المادة إذا كانت كما ذكرنا وتعلم هذه من النوب وفتراتها فإنك إذا رأيت شدة النافض واشتعال الحر وعلامات الغب ولكنها كل يوم مثلا عرفت أنها عن البلغم اللطيف اليسير والصفراء الكثيرة وبالعكس وهكذا وقد تكون المركبة بحسب نفس الحمى كوجود نوعين منها إما متفقين ابتداء فقط وهو كثير أو انتهاء وهو دونه أو فيهما وهو قليل جدا ثم كل من هذه قد يحفظ دورا ويسمى المختلط المتفق كتركيب ربعين أو حمسين أو غب