لقلة التحليل ثم اشتداده آخرا وخفة الحرارة وكثرة العرق مع عفونة رائحته من ثم يكون النافض الشديد فيه دليل سرعة انقضائها وأما وجع الطحال فعلامة عامة لازمة لسائر أنواع الحمى السوداوية وقد تكون عن سوداء محترقة في نفسها (وعلامتها) ما ذكر من التزيد والاشتداد في نفس العلامات المذكورة أو عن احتراقها مع غيرها وهو الأكثر لأن هذه الحمى غالبا ما تكون متنقلة خصوصا إذا طالت الحميات أو أخطأ التدبير وحينئذ تكون علاماتها علامات ما كانت عنه أولا ثم تتركب العلامات في وسط الزمان ثم تعود علامات السوداء البحتة لانتهاء الاحتراق واضمحلال الخلط الأول مثاله إذا كانت عن الصفراء فان النبض أولا يكون سريعا صلبا متواترا ثم تتناقص السرعة ثم يبطئ وتزيد الصلابة وكذا العطش وقس على هذا وهذا التفصيل لم يصرح به أحد وقد شاهدته بالتجربة وهذه الحمى قد يقوى النافض فيها من بادئ الرأي لا للطفها ولكن لكثرة ما انصب منها إلى موضع التعفين الموسوم عندهم بمستوقد العفونة ويزول هذا الشك بالقئ أول النوب فان خف النافض فلما قلناه وإلا فالمادة مركبة ومتى تمحضت هذه الحمى عن السوداء فقل أن تقلع قبل السنة خصوصا إن ساء التدبير قالوا وأقل ما تقلع في نصف سنة وأما أنا فكثيرا ما زالت على يدي في خمس وأربعين يوما تقلع في الدور الخامس عشر وربما عادت مرة بعد فوات ثلاثة أدوار (العلاج) ما كان منها عن السوداء نفسها فالواجب أولا فيها القئ بهذا المغلى وهو عجيب النفع كثير الفائدة ألفت تركيبه وجربته فصح وحيا. وصنعته: شعير مقشور ست وثلاثون درهما إجاص أسطوخودس بسفايج تمر هندي من كل خمسة عشر أفتيمون عصا الراعي عناب بزر كرفس أصل خطمي بزر شاهترج وهندبا ورجلة ولب قثاء لسان ثور من كل سبعة قشر أصل الكبر زهر بنفسج ورد منزوع من كل أربعة يرض الكل ويطبخ بعشرة أمثاله ماء حتى يبقى الربع فيصفى ويستعمل فاترا بالسكر أو شراب البنفسج يكرر ست مرات أيام الراحة فان أقلعت وإلا فان ظهر تمام النضج فأعط سفوف السوداء بماء الجبن أياما وإلا فلبن اللقاح بالافتيمون حتى يتم النضج ثم السفوف المذكور فان زالت وإلا فأيارج لوغاذيا والترياق الكبير خطأ للقبض فاحذره ويجب الحمام يوم الراحة يكاثر فيه الاستنقاع في الأبازين والترطيب بالادهان الباردة ومتى زاد اليبس جاز الاحتقان بمرق الكوارع والرؤوس وكثيرا ما أزلتها بأخذ درهم من الغاريقون ونصف مثقال من كل من الحجر الأرمني واللؤلؤ وهو مجرب ويبدل الحجر بلازورد. وأما الأغذية فالبقول مثل الاسفاناخ والقرع والدجاج والسمين من صغار الضأن ومتى استوعبت النوبة يومها فلا تعط غذاء وإلا جاز إن اتسع الهضم وعلاجها إن احترقت عن الدم فصد الباسليق أولا من الأيمن حيث الطحال صحيح وإلا فمن الأيسر وهو تفصيل رفعت به الخلاف الواقع هنا ويستقصى في خروج الدم ما دام متغيرا ولو في دفعات إن قصرت القوة عن استيفائه في مرة ومتى فصد فخرج أحمر ضر قطعا ووجب قطعه وإلا تغلبت السوداء وأخطأ من فصد غير الباسليق هنا وهى زلة فاضل، ثم الواجب غب الفصد ملازمة هذا النقوع. وصنعته:
تين زبيب من كل أوقيتان عناب سبستان إجاص تمر هندي من كل أوقية أنواع الإهليلجات من كل نصف أوقية يشرب عنها وتغير كل ثلاث وبعضهم يطبخها فان تمادت بعد هذا التدبير وحب التدبير الأول وعلاج ما كان عن البلغم بالمغلى الأول أولا مع الجلنجبين السكري ثم سكنجبين البزور وماء الكرفس بالسكر وحب الحلتيت وعلاج ما كان عن الصفراء فبالسكنجبين الساذج وماء الشعير والترنجيين والبكتر والافتيمون باللبن وأي نوع من المذكورات تمادى بعد علاجه الأصلي فأعدله العلاج الأول لتمحض السوداء باستحكام الاحتراق [حمى الربع] الدائمة هي الكائنة عن