نفسية وجب الاقتصار على سماع نحو العود والنغمات المختصة بالنفس كالحجاز والعراق ولا يجوز حينئذ سماع القصب ولا ما كان أوتاره من الشريط لفساد الدماغ بحدتها وسيأتى في الموسيقى بسط ذلك وقد جربت في علاج النفسية استعمال ماء الورد المقطر عن الصندل شربا وطلاء وفى القلبية ماء التفاح والكمثرى والورد محلولا فيه العنبر وفى الكبدية ماء العناب والورد بالكافور صيفا لشاب وإلا فالبنفسج والصندل.
* (تنبيه) * أجمعوا على أن هذه الحمى تعالج بضد أسبابها مطلقا كالامتلائية بالجوع والعطشية بالشرب فعليه يكون علاج الحمى الحادثة عن شدة الفرح بإدخال الغم على أصحابها وهو مشكل جدا لأنه أيضا يورثها فكان لا علاج بل ربما كانت الحادثة عن الفرح أصح عناء ولم يظهر لي في هذا شئ ويمكن أن يقال إن الغم المعالج به إذا استعمل خفيفا كإخبار بذهاب شئ فإنه لا يبلغ أن يحدث حمى وهو غير بعيد ويلزم أيضا على علاج العطشية بالشرب كثرة تحريك الأبخرة بل والاخلاط. وأقول إن هذا من تصرف المعربين فان أبقراط يقول وعلاج العطشية بالماء فترجموه من اليونانية بالشرب وهو فاسد لأنه إنما أراد الاستحمام والرش ليستأنس به البدن ثم يشرب إن لم يجد غنية كما يجب أن يفعل من اضطر إلى الشرب في الحمام (وأما حمى الدق) فهي التي يتجاوز تعلقها إلى الأعضاء حتى يصير فيها من الرطوبات للحرارة المشتعلة في هذه الحمى كالدهن للسراج إذا نفذت دقت العظام وكان الموت، ومن ثم لابرء لها إذا تمكنت لعدم قدرة العليل على أخذ أغذية يكون عنها من الرطوبات ما يقوم بالحمى والبدن خصوصا والمحترق بهذه هو الرطوبات الأصلية المقارنة للخلقة ويعسر قبل تمكها كالحمام إذا سخنت حيطانه فان تبريده حينئذ ليس كتبريده إذا سخن الهواء حسب أو الماء ومن هنا كانت هذه أشق من الأخريين ثم إن كان تشبثها بغير الرئيسة سهلت معالجتها وإن تعدت إلى المذكورات أو تشبثت بها أولا فان تشبثت بالقلب تعدت إلى الباقي بلا واسطة وأفضت إلى الهلاك قطعا لا سيما فيمن لطف مزاجا ورطوبة كالحبشة أو بغيره تعدت منه إليه ثم إلى باقي الأعضاء فعلم أن أخوفها ما تشبثت بالقلب أولا على القول بأنه الرئيس المطلق على الأصح بل القائلون بتقديم الدماغ مصرحون بأن حمى القلب أخوف فكان هذا القول إجماعي وإنما اختلفوا في أن المتشبثة بالدماغ أولا أخوف، أما المتشبثة بالكبد فذهب أبقراط وأتباعه والرازي والمسيحي والملطى إلى الأول بناء من أبقراط على مذهبه ومن الباقي على أنه محاذ للقلب على نقطة فيفسده بسرعة ولان الكبد وافرة الرطوبة لكونها محلا للغذاء فلا تنكيها الحمى وذهب ابن قرة وبختيشوع والفاضل جالينوس إلى الثاني محتجين بأن الكبد قريبة من القلب وفيها الأوردة المتعلقة بسائر الأعضاء فيلزم من تجفيفها فساد الكل وهى حارة تناسب الحمى والدماغ بارد رطب يضادها وعندي في كل من كلام الفريقين نظر أما الأول فلان محاذاة الدماغ للقلب لا تستلزم وصول الحمى إليه لأنها حرارة مطلوبها العلو ولا تنعكس إلا بقاسر وهو غير معلوم وقولهم إن الكبد وافرة الرطوبة غير ناهض بالمطلوب لان الرطوبة هنا غريبة لا تقاوم الحمى لفجاجتها حينئذ، وأما قول الفريق الثاني بأن الكبد قريبة من القلب فيشبه أن يكون معارضة وعلى الاستدلال به لا ينهض لامتلاء ما بينهما بالدم والروح المحتاجين في تعدى الحمى إلى زمن أكثر من تعديها من الدماغ واحتجاجهم بحرارتها ربما انقلب عليهم لان المناسب أصبر من المضاد كما هو ظاهر وأما برد الدماغ ففي نظير حرارة القلب والحمى زائدة فكان لا اعتداد بذلك البرد ويمكن أن يقال الكبد إذا اشتعلت بهذه الحمى عجزت عن