تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٢ - الصفحة ١٢٢
الفضلات فتشتعل من ذلك التراكم كما يظهر من الفضلات الخارجة بالدواء وإنما كانت الغريزية مقومة لبقائها مدة الحياة والعنصرية جزءا لبقائها بعدها بدليل اسوداد المدفون ولو في الثلج كذا قرره القطب العلامة وفيه نظر قرره النفيسي في شرح الأسباب من غير إيضاح وبيانه أن الاسوداد قد يكون مستندا إلى غريبة عملت في رطوبة مثلها كالاحجار أول الحرق وتلك لا تمتنع بالدفن موضع البرد وهذا التعريف في الأصل للطبيب في شرح الفصول ومن ثم لم يرضه ابن أبي صادق وعرفها في شرحه بأنها حرارة نارية ليدخل كون الحمى من الحرارة العنصرية إذ لا نارية في البدن غيرها وقال بأنها إذا قهرت الغريزية فانتشرت فوق ما ينبغي كانت غريبة بهذا المعنى وهذا فاسد في الحقيقة لأنه لو جاز لصح أن يكون لنا برودة مائية ورطوبة هوائية ويبوسة ترابية ووجب تمايز العنصريات بأمراض مخصوصة وصارت الاخلاط ثمانية والقصر على النار ترجيح بلا مرجح وبطلان التوالي بديهي والملازمة بينة هذا ما قرروه تعريفا ومناقشة وفيه وعليه حسبما اقتضته الصناعة الميزانية ما سمعته والذي اخترته في حدها أنها حرارة طارئة زائدة على قدر الحاجة تختلف زمنا وغيره بها تخرج الافعال البدنية عن مجرى الصحة حتى ينفذها القلب ولو بواسطة إلى نهاية البدن مع عدم المانع، فالحرارة جنس يشمل ما ستعرفه في العناصر وطارئة فصل يخرج الغريزية ويتناول حمى اليوم والروح وباقي الخواص مبينة لاحكام العلل شاملة للنارية لجواز أن يصدر عنها وقولي ولو بواسطة لان القلب قد يكون بثه للحرارة أصالة كالرئة وبواسطة كالكبد فان الحمى إذا تشبثت بعضو وفيه شريان أسرع سريانها إلى القلب بواسطته وتكيف الدم بها فيعود مع الانقباض وإلا أبطأ فكذلك القلب في إفاضته إلى غيره وهو لكونه أول متكون في الأصح كما ستعرفه في التشريح أول متكيف وقابل للتغير وآخر ما يبرد ويسكن وهو معدن الغريزية حتى قال في الشفاء إنه للبدن كالشمس في الدنيا فلذلك لا يحتمل إلا إذا تناولت الطوارئ ما يكون من الحمى عن فساد الهواء وسقوط الأشعة فان الكواكب توجبها إذا قوبلت متغيرة فان المريخ إذا كان في الثور وكانت الشمس في المقابلة كثرت في الصقع الموازى حمى اليبس وهكذا البواقي فتنبه لذلك لئلا تخطئ في العلاج، ثم هي تعم كل حيوان كملت قوته وتمت أماكنها كالفرس والحمار لكن قد تكون مزاجية لا تحلل ولا توهن القوى كما في الأسد وقد تكون تبعا لحركة نفسية كغضب الصفراوي وأقل زمن هذه ساعة وهاتان لا علاج لهما على الأصح، وصوب الفاضل علاج الثانية ولو بضرب من التبريد كالاستحمام بالماء البارد ويؤيده ما في الصحيحين وجامع الترمذي عن رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء) والفيح الريح والمراد مثله في إدراك المحموم لما يجد من مشقتها على أنه يجوز أن تكون جزءا من الفيح المذكور خففه الله عز وجل كما ورد في غسل نار الدنيا سبعين مرة وأل في الحمى للجنس والمراد جنس الحرارة فلا يدخل نحو الورد والدق الضار فيه الماء وأل في الماء إما للجنس أيضا والمراد البارد بالفعل لأنه المراد من الماء عند الاطلاق لا أن ذلك مأخوذ من قوله (فأبردوها) كما توهمه بعض الشراح لأن الماء مبرد بالقوة وإن كان في نهاية الحرارة ويجوز أن تكون للعهد والمراد ماء زمزم لما أخرجه البخاري وأبو نعيم وابن السنى عن أبي حمزة الضبعي (أن الحمى أخذته عند ابن عباس رضي الله عنهما فقال له أبردها بماء زمزم فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك) ويجوز أن تكون للجنس في الموضعين مطلقا فينقع حار الماء بارد الحمى كالدق وبالعكس كالغب كما ستراه لكن رواية ابن ماجة مصرح فيها بالماء البارد فإنه
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الرابع في تفصيل أحوال الأمراض الخ 2
2 حرف الألف 8
3 فصل في حال الدليل 24
4 فصل في أحكام القرآن 31
5 فصل في ذكر ما يومى اليه الكسوف والخسوف من الدلالة الخ 32
6 فصل في تقرير المبادي ووجه التعلق باستخراج الضمائر وارتباط العوالم الخ 33
7 فصل في خصوصيات الأدلة باعتبار الكواكب 35
8 فصل في أحوال الضمير والخلاف فيه 35
9 حرف الباء 38
10 الفصل الأول في صفة البيطار 51
11 الفصل الثاني في آلاته 51
12 الفصل الثالث في موضوع هذه الصناعة ومباديها وما يجب أن يعرفه الخ 52
13 الفصل الرابع فيما يختار منها وذكر عمرها وما يستدل به على سنها وغير ذلك 52
14 فصل ولما كان التشريح من أهم ما يجب أن يعرفه الطبيب قبل طب الإنسان الخ 3 5 فصل في الأخلاق السيئة في الحيوان الخ 54
15 فصل في ذكر أشياء تجري مجرى الفراسة من الإنسان الخ 55
16 فصل وإذ قد فرقنا من جزء العلم في هذه الصناعة فلنقل في عملها ما فيه كفاية الخ 56
17 فصل في علاج سمومها وذكر ما زاد على الإنسان 60
18 فصل في المختار من أدوية العين الخ 60
19 خاتمة تشتمل على ذكر ما يجري هنا مجرى الجزئيات من طب الإنسان 60
20 حرف الجيم 70
21 فصل ينبغي لمن أراد التلذذ به الميل بأغذيته إلى الحار الرطب الخ 72
22 (جغرافيا) 87
23 حرف الدال 91
24 حرف الهاء 101
25 هندسة 104
26 فصل في السطوح 106
27 فصل في الأشكال 106
28 فصل قد تقرر في قاطيغوريا أن السطح الخ 106
29 حرف الواو 110
30 حرف الزاي 114
31 حرف الحاء 121
32 فصل في ذكر الأدوية الموجبة للحبل 145
33 حرف الطاء 150
34 (طلسمات) 154
35 فصل في تشعبات أهل هذه الصناعة 156
36 فصل في الشروط الخاصة ملتقطة من كلام الرازي 157
37 فصل فيما يخص كل كوكب وبرج الخ 157
38 فصل في الأعمال وتدريجها إلى الكمال 160