الفضلات فتشتعل من ذلك التراكم كما يظهر من الفضلات الخارجة بالدواء وإنما كانت الغريزية مقومة لبقائها مدة الحياة والعنصرية جزءا لبقائها بعدها بدليل اسوداد المدفون ولو في الثلج كذا قرره القطب العلامة وفيه نظر قرره النفيسي في شرح الأسباب من غير إيضاح وبيانه أن الاسوداد قد يكون مستندا إلى غريبة عملت في رطوبة مثلها كالاحجار أول الحرق وتلك لا تمتنع بالدفن موضع البرد وهذا التعريف في الأصل للطبيب في شرح الفصول ومن ثم لم يرضه ابن أبي صادق وعرفها في شرحه بأنها حرارة نارية ليدخل كون الحمى من الحرارة العنصرية إذ لا نارية في البدن غيرها وقال بأنها إذا قهرت الغريزية فانتشرت فوق ما ينبغي كانت غريبة بهذا المعنى وهذا فاسد في الحقيقة لأنه لو جاز لصح أن يكون لنا برودة مائية ورطوبة هوائية ويبوسة ترابية ووجب تمايز العنصريات بأمراض مخصوصة وصارت الاخلاط ثمانية والقصر على النار ترجيح بلا مرجح وبطلان التوالي بديهي والملازمة بينة هذا ما قرروه تعريفا ومناقشة وفيه وعليه حسبما اقتضته الصناعة الميزانية ما سمعته والذي اخترته في حدها أنها حرارة طارئة زائدة على قدر الحاجة تختلف زمنا وغيره بها تخرج الافعال البدنية عن مجرى الصحة حتى ينفذها القلب ولو بواسطة إلى نهاية البدن مع عدم المانع، فالحرارة جنس يشمل ما ستعرفه في العناصر وطارئة فصل يخرج الغريزية ويتناول حمى اليوم والروح وباقي الخواص مبينة لاحكام العلل شاملة للنارية لجواز أن يصدر عنها وقولي ولو بواسطة لان القلب قد يكون بثه للحرارة أصالة كالرئة وبواسطة كالكبد فان الحمى إذا تشبثت بعضو وفيه شريان أسرع سريانها إلى القلب بواسطته وتكيف الدم بها فيعود مع الانقباض وإلا أبطأ فكذلك القلب في إفاضته إلى غيره وهو لكونه أول متكون في الأصح كما ستعرفه في التشريح أول متكيف وقابل للتغير وآخر ما يبرد ويسكن وهو معدن الغريزية حتى قال في الشفاء إنه للبدن كالشمس في الدنيا فلذلك لا يحتمل إلا إذا تناولت الطوارئ ما يكون من الحمى عن فساد الهواء وسقوط الأشعة فان الكواكب توجبها إذا قوبلت متغيرة فان المريخ إذا كان في الثور وكانت الشمس في المقابلة كثرت في الصقع الموازى حمى اليبس وهكذا البواقي فتنبه لذلك لئلا تخطئ في العلاج، ثم هي تعم كل حيوان كملت قوته وتمت أماكنها كالفرس والحمار لكن قد تكون مزاجية لا تحلل ولا توهن القوى كما في الأسد وقد تكون تبعا لحركة نفسية كغضب الصفراوي وأقل زمن هذه ساعة وهاتان لا علاج لهما على الأصح، وصوب الفاضل علاج الثانية ولو بضرب من التبريد كالاستحمام بالماء البارد ويؤيده ما في الصحيحين وجامع الترمذي عن رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء) والفيح الريح والمراد مثله في إدراك المحموم لما يجد من مشقتها على أنه يجوز أن تكون جزءا من الفيح المذكور خففه الله عز وجل كما ورد في غسل نار الدنيا سبعين مرة وأل في الحمى للجنس والمراد جنس الحرارة فلا يدخل نحو الورد والدق الضار فيه الماء وأل في الماء إما للجنس أيضا والمراد البارد بالفعل لأنه المراد من الماء عند الاطلاق لا أن ذلك مأخوذ من قوله (فأبردوها) كما توهمه بعض الشراح لأن الماء مبرد بالقوة وإن كان في نهاية الحرارة ويجوز أن تكون للعهد والمراد ماء زمزم لما أخرجه البخاري وأبو نعيم وابن السنى عن أبي حمزة الضبعي (أن الحمى أخذته عند ابن عباس رضي الله عنهما فقال له أبردها بماء زمزم فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك) ويجوز أن تكون للجنس في الموضعين مطلقا فينقع حار الماء بارد الحمى كالدق وبالعكس كالغب كما ستراه لكن رواية ابن ماجة مصرح فيها بالماء البارد فإنه
(١٢٢)