له ابن عباس: يا أمير المؤمنين، لو اطردت خطبتك من حيث أفضيت.
فقال - عليه السلام -: " هيهات - يا بن عباس - تلك شقشقة هدرت، ثم قرت ".
قال ابن عباس: فوالله ما أسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام ألا يكون أمير المؤمنين عليه السلام بلغ منه حيث أراد.
فقل للمتأولين: هيهات ألا تخضعوا، وتقروا بكونه عليه السلام موقنا بحقه في خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مجتهدا في بيان ذلك في شتى المناسبات، وإنما كان سكوته - حينا - على مضض:
" فصبرت، وفي العين قذى، وفي الحلق شجا "!
وذلك بعد أن لم يجد سبيلا لانتزاع حقه: " وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على طخية عمياء "!
وقد قال عليه السلام في مناسبة أخرى، يصف حاله قبل أن يبايع لأحد (1):
" فنظرت، فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي، فضننت بهم عن الموت، وأغضيت على القذى، وشربت على الشجا، وصبرت على أخذ الكظم (2)، وعلى أمر من طعم العلقم ".
- فهل يمكن أن يؤتى ببيان أوضح من هذا؟
أم مع بيان كهذا يذهب المرء هنا وهناك بحثا عن تأويل يلوذ وراءه؟!