والحاجة يمنع المسلمين من ترك العطاء. (راجع الطبراني في الصغير ج 1 ص 264، وحلية الأولياء ج 5 ص 165 - 166، وتاريخ بغداد ج 3 ص 398، ومعجم الأحاديث ج 1 ص 31 - 32). وأخبر الرسول المسلمين بمداهنة القراء، ونفاق العلماء وبعد أن أحكم أئمة الضلالة قبضتهم على الأمة، وسلبوها أمرها من غير مشورة، وبعد أن نقضوا عرى الإسلام كلها عروة عروة سخروا موارد الدولة وإمكانياتها، وأمروا ولاتهم وعمالهم وعلماء السوء أن يكذبوا على رسول الله وأن يختلقوا أحاديث تروى بطريقة فنية توجب على المسلمين، طاعة أئمة الضلالة، لأن طاعتهم عبادة بوصفهم خلفاء للنبي، وتحرم على المسلمين معصية أئمة الضلالة، لأن معصية أئمة الضلالة معصية لله، ومعصية الله معصية للرسول، ومن عصى الله والرسول فقد برئت منه الذمة، وأحل دمه حتى في الأشهر الحرم.
وأحكم أئمة الضلالة وأعوانهم الطوق عندما حرموا على أي مسلم أن يخرج عليهم مهما فعلوا. وسخر أئمة الضلالة كافة موارد الدولة وإمكانياتها لتعميم هذه الطاعة العمياء، وأدخلوها في مناهجهم التربوية والتعليمية، ورووا الأحاديث الكثيرة عن رسول الله، ومع الأيام والعادة والتكرار، صارت هذه القناعة التي لا يقبلها عقل جزءا من الدين نفسه.
قال أبو بكر الباقلاني القاضي المعروف في كتابه (التمهيد) باب ذكر ما يوجب خلع الإمام: (قال الجمهور من أهل الإثبات، وأصحاب الحديث: لا ينخلع الإمام بفسقه وظلمه بغصب الأموال وضرب الأبشار وتناول النفوس المحرمة وتضييع الحقوق وتعطيل الحدود ولا يجب الخروج عليه، بل يجب وعظه وتخويفه، فالأخبار متضافرة عن الرسول، وعن الصحابة في وجوب طاعة الأئمة).
وقال النووي في شروحه على صحيح مسلم بيان لزوم طاعة الأمراء ج 12 ص 229 من صحيح مسلم بشرح النووي ما يلي وبالحرف: (قال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين: لا ينعزل الإمام بالفسق والظلم وتعطيل الحدود، ولا يخلع، ولا يجوز الخروج عليه بذلك، بل يجب وعظه وتخويفه، وأما الخروج على الأئمة وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة.