وما يعنينا أن رسول الله عندما لخص الموقف لأمته، وأخبرها بما هو كائن، وما سيكون، وحذرها من مغبة معصية توجيهاته وأوامره وطاعة أعداء الله وأعداء رسوله توقف طويلا عند أئمة الضلالة، الذين سيأتون من بعده، واعتبرهم ألد الأعداء، وأعظم الأخطار التي تتهدد الأمة الإسلامية من بعده لأنهم هم الذين سيبدأون بحل عرى الإسلام، وأول عروة سيحلونها هي نظام الحكم، ثم يستعينون بالسلطة والنفوذ فيحلون ما تبقى من عرى الإسلام، حتى لا تبقى فيه ولا عروة واحدة دون حل، وأن هؤلاء الأئمة لن يبقوا من الإسلام إلا اسمه، ومن القرآن إلا اسمه، ومن الدين إلا أشكاله ومظاهره الخارجية لغاية محددة، وهي المحافظة على ملك النبوة الذي اغتصبوه والتمتع بهذا الملك بعقلية وقلوب الجبابرة، ولكن بجبة وعمامة إسلامية!!! هذا هو الخطر الحقيقي الذي يتهدد الإسلام ويتهدد المسلمين، والذي توقف عنده النبي، وحذر منه وكرر التحذير، فقال مرة:
(لست أخاف على أمتي جوعا يقتلهم، ولا عدوا يجتاحهم، ولكني أخاف على أمتي قبيحهم، وتصدقوا كذبهم... (راجع الطبراني في الكبير ج 22 ص 362 ح 910 وص 373 و 934، والفردوس ج 2 ص 317 ح 3437، والجامع الصغير ج 2 ص 49 ح 4680، وكنز العمال ج 6 ص 67 ح 14876، وفيض القدير ج 4 ص 101 ح 4680، والمعجم ج 1 ص 29 - 30).
ووصفهم النبي مرة أخرى فقال: (لا تقوم الساعة حتى يبعث الله أمراء كذبة، ووزراء فجرة، وأمناء خونة، وقراء فسقة... (رواه البزار، والهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 233، والمعجم ج 1 ص 26).
وقد بين النبي الكريم أن أئمة الضلالة سيستغلون كل شئ لصالحهم، فالعطاء الذي فرضته الشريعة للمساعدة على تأمين الحاجات الأساسية لأفراد المسلمين سيحوله أئمة الضلالة إلى رشوة!! بمعنى أن أئمة الضلالة لن يعطوا أي مسلم عطاءه إلا إذا بايعهم، ورضي بجورهم وظلمهم وقبل بوجودهم، لذلك أمر رسول الله المسلمين أن يأخذوا العطاء ما دام عطاء، فإذا استغل أئمة الضلالة هذا العطاء فجعلوه رشوة للسكوت، فلا ينبغي أن يأخذ المسلمون هذا العطاء، ولكن الرسول قد أخبر الأمة بأنها ستأخذ العطاء، بالرغم من أنه رشوة، لأن الفقر