والطبراني ج 11 ص 167).
وقد تواترت الأنباء عن رسول الله التي تؤكد بأن أشد العرب بغضا لرسول الله وآله هم بنو أمية، ووقائع التاريخ تؤكد صحة هذه الأنباء فقد ساد الأمويون أعداء الله، وقاد الهاشميون أولياء الله، ونتيجة الحروب الطاحنة، جرى القتل وتكونت الأحقاد الأموية. وربما لهذا السبب صار الأمويون بطانة الخلفاء الأول ثم أصبحوا خلفاء!! فكراهية آل محمد هي الوسيلة العملية للتقدم والوصول إلى السلطة، وموالاة آل محمد هي معيار وسبب الغربة والعزلة!! إن هذا لأمر عجاب!!
هذا على مستوى الخلافة، أما على مستوى ولايات الأعمال والأقاليم فنأخذ مثلا عبد الله بن أبي سرح فهو الذي افترى على الله الكذب، وهو عدو الله وعدو رسوله، لقد أمر الرسول بقتله ولو تعلق بأستار الكعبة، ويوم فتح مكة أمر الرسول بالبحث عنه وقتله، فلجأ ابن أبي سرح إلى أخيه في الرضاعة عثمان بن عفان، فغيبه عثمان وأخفاه، وفي يوم من الأيام بعد الفتح بفترة جاء به عثمان إلى رسول الله فاستاء منه، فصمت رسول الله طويلا، ثم قال نعم فلما انصرف عثمان قال النبي لمن حوله: ما صمت إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه! فقال رجل فهلا أومأت إلي يا رسول الله؟ فقال النبي: إن النبي لا ينبغي أن تكون له خائنة أعين. (راجع ترجمة ابن أبي سرح في الإستيعاب لابن عبد البر ج 4 ص 378 والإصابة لابن حجر ج 2 ص 309، وأسد الغابة ج 3 ص 173).
وأصبح ابن أبي سرح طليقا ومن المؤلفة قلوبهم، الذين كان يعطى لهم سهم من الصدقات لأنهم منافقون وضعاف إيمان وحتى يصرفوا وبعد موت الرسول مباشرة صار عبد الله بن أبي سرح من أصفياء الخلفاء كما وثقنا، ومن أهل الحل والعقد، وأسندت إليه إمارة ولاية مصر وهي تاج الولايات الإسلامية، ومر حين من الدهر كان فيه ابن أبي سرح الرجل الثالث في الدولة الإسلامية، مع أنه الأظلم بنص القرآن، ومفتر على الله بنص القرآن ومع أنه عدو لله ولرسوله!!
هذا هو فريق القيادة، وهذه هي الكوادر الفنية التي حلت عرى الإسلام وأسست ورسمت معالم عصر ما بعد النبوة، فوضعت مناهجها التربوية والتعليمية، وفرضتها على المسلمين قرابة قرن من الزمان، خلطوا خلاله الأوراق.