زوجة الرئيس فإذا بالوالي قد أعفي من منصبه ودعي لمهام أخرى قد لا يعرفها حتى الوالي نفسه.
وهذا يذكرني بحادثة وقعت زمن الاحتلال الفرنسي للبلاد التونسية، فكان شيخ الطريقة العيساوية وجماعته يضربون البنادير ويرفعون أصواتهم بالمدائح في الليل مرورا ببعض الشوارع وحتى يصلوا إلى محل الحضرة كما هي عادتهم.
وبمرورهم أمام مسكن ضابط الشرطة الفرنسي، خرج إليهم هذا الأخير مغضبا فكسر بناديرهم وفرق جمعهم، لأنهم لم يعملوا بقانون احترام الجار والتزام الهدوء بعد العاشرة ليلا.
ولما علم المراقب المدني بالحادثة وهو بمثابة الوالي عندنا، غضب غضبا شديدا على ضابط الشرطة فعزله من منصبه وأعطاه ثلاثة أيام لمغادرة مدينة قفصة، ثم استدعى شيخ الطريقة العيساوية واعتذر إليه باسم الحكومة الفرنسية، واسترضاه بأموال كثيرة كي يشتري بها بنادير وأثاثا جديدا ويعوض كل ما كسر لهم.
وعندما سأله أحد المقربين إليه لماذا فعل كل ذلك؟ أجابه بأن الأفضل لنا أن يتلهى هؤلاء الوحوش بضرب البنادير وينشغلوا بالشطحات وأكل العقارب وإلا سوف يتفرغوا لنا ويأكلونا نحن لأنا غاصبين حقوقهم.
ونعود إلى الإمام مالك لنستمع إليه يروي بنفسه كيف كان لقاؤه بالخليفة أبي جعفر المنصور.