ولا عبرة لقول من يقول بأن المنافقين ليسوا من الصحابة إذا عرفنا أن المصطلح الذي اتفقوا عليه هو ما سمعناه آنفا أن كل من رأى رسول الله مؤمنا به فهو صحابي حتى لو لم يجالسه.
وقولهم: مؤمنا به، فيه أيضا تكلف، لأن كل الذين صاحبوا النبي نطقوا بالشهادتين، وقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم منهم ذلك الإسلام الظاهري وقال:
" أمرت أن أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر " ولم يقل في حياته لواحد منهم: أنت منافق فلا أقبل منك إسلامك!
ولذلك أيضا نجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمي المنافقين - ب " أصحابي " - وهو يعلم نفاقهم، وإليك الدليل:
أخرج البخاري بأن عمر بن الخطاب طلب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يضرب عنق عبد الله بن أبي المنافق فقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق! فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: دعه لا يتحدث الناس بأن محمدا يقتل أصحابه. (1 وقد يحاول بعض العلماء من " أهل السنة والجماعة " إقناعنا بأن المنافقين كانوا معروفين فلا نخلطهم بالصحابة، وهذا أمر مستحيل لا سبيل إليه، بل منافقون هم من جملة الصحابة الذين لا يعلم خفاياهم إلا الله سبحانه، وقد كانوا يصلون ويصومون و يعبدون الله ويتقربون إلى النبي بكل الوسائل. وإليك الدليل:
أخرج البخاري في صحيحه بأن عمر بن الخطاب طلب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرة أخرى أن يأذن به بضرب عنق ذي الخويصرة عندما قال النبي: أعدل! ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمر: دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. (2 ولست مبالغا إذا قلت بأن أكثرية الصحابة لم يكونوا بعيدين عن النفاق بما