فهنيئا لأبي هريرة بهذا الكيس الملئ بالأكاذيب والأساطير والذي وجد له رواجا عند معاوية وبني أمية واكتسب من ورائه الجاه والسلطان والأموال والقصور فقد ولاه معاوية ولاية المدينة المنورة وبنى له قصر العقيق وزوجه من المرأة الشريفة التي كان أبو هريرة يخدمها.
وإذا كان أبو هريرة وزير معاوية المغرب فليس ذلك لفضله ولا لشرفه أو علمه ولكنه كان يحد عنده الأحاديث التي يريدها ويرويها وإذا كان بعض الصحابة يتلكأون في لعن أبي تراب ويجدون في ذلك حرجا، فإن أبا هريرة لعن عليا في عقر داره وعلى مسمع من شيعته.
روى أبن أبي الحديد قال: لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة جاء إلى مسجد الكوفة، فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه، ثم ضرب صلعته وقال: يا أهل العراق أتزعمون أني أكذب على رسول الله وأحرق نفسي بالنار، والله لقد سمعت رسول الله يقول: إن لكل نبي حرما وإن حرمي بالمدينة ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وأشهد أن عليا قد أحدث فيها.
فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه المدينة (1).
ويكفينا دليلا أنه كان واليا على المدينة من قبل معاوية، ولا شك في أن المحققين والباحثين الأحرار سيشكون في كل من تولى عدو الله ورسوله وعادى ولي الله ورسوله.
ولا شك في أن أبا هريرة لم يصل إلى ذلك المنصب الرفيع وهو ولاية المدينة عاصمة الإسلام، إلا للخدمات التي أسداها لمعاوية وحكام بني أمية، وسبحان مقلب الأحوال فقد جاء أبو هريرة إلى المدينة عريانا ليس له إلا نمرة يستر بها عورته ويستجدي المارة ليسدوا رمقه والقمل يجري فوق جلده.
وإذا به فجأة يصبح والي المدينة المنورة يسكن قصر العقيق وعنده الأموال والخدم والعبيد ولا يتكلم الناس إلا بإذنه.