وهل جرأ المتخلفين عن البيعة والذين تطاولوا على وصي النبي أمثال عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد ومحمد بن مسلمة، إلا تخلف سعد بن أبي وقاص؟
وأنك تلاحظ أن الأشخاص الخمسة الذين عينهم عمر بن الخطاب لمنافسة علي في الخلافة قد لعبوا بالضبط الدور الذي رسمه لهم لبن الخطاب وهو منع علي من الوصول إليها، فهذا عبد الرحمان يختار للخلافة صهره عثمان ويهدد عليا بالقتل إن لم يبايع كل ذلك لأن عمر رجح كفة عبد الرحمان على الباقين.
وبعد موت عبد الرحمان بن عوف ومقتل عثمان بن عفان لم يبق من المنافسين لعلي في الخلافة إلا ثلاثة طلحة والزبير وسعد.
ولما رأى هؤلاء بأن المهاجرين والأنصار هرعوا للإمام علي وبايعوه ولم يتلفتوا لأي واحد منهم، عند ذلك أضمروا له الشر وأرادوا به الهموم، فحاربه طلحة والزبير وخذله سعد.
ولا تنس بأن عثمان بن عفان لم يمت حتى كون لعلي منافسا جديدا هو أخطر منهم جميعا وأشد مكرا ودهاء وأكثرهم عدة وعددا فقد مهد له عثمان للاستيلاء على الخلافة بأن ضم له تحت ولايته التي دامت عشرين عاما أهم الولايات والتي تجمع أكثر من ثلثي العائدات للدولة الإسلامية بأسرها.
وهذا المنافس هو معاوية الذي لم يكن له دين ولا خلق وليس له شغل إلا الوصول إلى الخلافة بأي ثمن وعن أي طريق.
ومع ذلك فإن أمير المؤمنين عليا لم يجير الناس على البيعة بالقوة والإكراه كما فعل الخلفاء من قبله، ولكنه تقيد (سلام الله عليه) بأحكام القرآن والسنة ولم يغير ولم يبدل أبدا، ألم تقرأ قوله لسعد: لقد بايعني المهاجرون والأنصار على أن أعمل فيهم بكتاب الله وسنة نبيه، فإن رغبت بايعت وإلا جلست في دارك فإني لست مكرهك عليه؟
هنيئا لك يا ابن أبي طالب يا من أحييت القرآن والسنة بعدما أماتهما غيرك من قبلك، فهذا كتاب الله ينادي: إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله