ويقول الشيخ محمد عبده في شرح هذا المقطع.
كان سعد بن أبي وقاص في نفسه شئ من علي (كرم الله وجهه) من قبل أخواله لأن أمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس ولعلي في قتل صناديدهم ما هو معروف ومشهور (1).
فالحقد الدفين والحسد أعمى بصيرة سعد فلم يعد يرى لعلي ما يراه لخصومه، فقد نقل عنه أنه لما ولاه عثمان ولاية الكوفة خطب فيهم قائلا:
أطيعوا خير الناس أمير المؤمنين عثمان.
فسعد بن أبي وقاص كان هواه مع عثمان في حياته وحتى بعد مقتله، وبذلك نفهم اتهامه بالمشاركة في قتل عثمان عندما كتب لعمرو بن العاص بقوله: إن عثمان قتل بسيف سلته عائشة وسمه ابن أبي طالب.
إنه اتهام باطل يشهد التاريخ على كذبه فلم يكن لعثمان في محنته أكثر نصحا ومواساة من علي لو كان له رأي يطاع.
والذي نستخلصه من مواقف سعد المتخاذلة: هو بالضبط ما وصفه به الإمام علي بأنه صاحب ضغينة، فهو رغم معرفته بحق علي إلا أن الضغينة والحقد وقفا حائلا بينه وبين الحق، فبقي حائرا متخيرا بين ضمير يوبخه ويوقظ فيه شعلة الإيمان وبين نفس مريضة أقعدتها عادات الجاهلية فصغت لضغنها، وتغلبت نفس سعد الإمارة بالسوء على ضميره فتردت به وأقعدته عن نصرة الحق.
والدليل على ذلك ما أخرجه المؤرخون عن مواقفه المحيرة، ذكر ابن كثير في تاريخه قال:
دخل سعد بن أبي وقاص على معاوية بن أبي سفيان فقال له: ما لك لم تقاتل عليا ؟
قال سعد: إني مرت بي ريح مظلمة فقلت: أخ، أخ وأنخت راحلتي حتى انجلت عني ثم عرفت الطريق فسرت.