وولى المناصب والولايات الفساق من بني عمومته وقرابته الذين كانوا بالأمس القريب حربا على الإسلام والمسلمين.
وقد سكت المهاجرون والأنصار على أبي بكر وعمر لأنهما أشركاهم في الحكم وأعطياهم المناصب التي فيها المال والجاه.
أما عثمان فإنه عزل أكثرهم وأعطى الأموال الطائلة إلى بني أمية بغير حساب، عند ذلك أنكروا عليه وأثاروا حوله الشبهات إلى أن قتلوه.
وهذه هي الحقيقة التي تنبأ بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال لهم: إني لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها.
وقال الإمام علي (عليه السلام).
كأنهم لم يسمعوا قول الله تعالى: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين (القصص: 83).
بل والله لقد سمعوها ووعوها ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها.
فهذا هو الواقع، أما أن نعتقد بأنهم أنكروا عليه تغيير سنة النبي فهذا مما لا سبيل إليه، ولأنهم لم ينكروا على أبي بكر وعمر، فكيف ينكرونها عليه، والمفروض أن عثمان بن عفان أكثر عددا وأقرب ناصرا من أبي بكر وعمر كما صرح هو نفسه بذلك، لأنه زعيم بني أمية وبنو أمية أقرب للنبي من تيم وعدي، قبيلتي أبي بكر وعمر وأشد منهما قوة ونفوذا وأشرف منهما حسبا ونسبا.
ولأن الصحابة لم ينكروا على أبي بكر وعمر، بل كانوا يقتدون بسنتهما ويتركون سنة النبي وهم يعلمون فلا يمكن أن ينكروا على عثمان ما أقروه لغيره.
والدليل أنهم حضروا في كثير من المواقف التي غير فيها عثمان سنة النبي كإتمامه صلاة السفر ومنعه من التلبية وتركه التكبير في الصلاة ومنعه من التمنع في الحج، فلم ينكر عليه غير علي بن أبي طالب كما سنعرفه قريبا بحول الله.
والصحابة كانوا يعرفون سنة النبي ويعمدون على مخالفتها من أجل إرضاء الخليفة عثمان.