وعندما تحدث عن الخلفاء أبي بكر وعمر وكل الصحابة بدون استثناء وتقول في فضلهم ما شئت وتغالي في ذلك، فإنهم يطمئنون إليك ويستأنسون بحديثك ويقدموك على أنك كثير العلم واسع الاطلاع.
إنها بالضبط عقيدة سلفهم الصالح، فقد نقل المؤرخون بأن الإمام أحمد بن حنبل كان يضعف من أهل الحديث كل من ينتقص أبا بكر أو عمر أو عثمان، بينما كان يكرم إبراهيم الجوزجاني الناصبي المتقدم ذكره إكراما شديدا، ويراسله ويقرأ كتبه على المنبر ويحتج بها.
وإذا كان هذا حال أحمد بن حنبل الذي فرض على معاصريه القول بخلافة علي (عليه السلام) وربع بها، فلا تسأل عن الآخرين الذين لم يعترفوا له بفضيلة واحدة أو الذين سبوه ولعنوه على المنابر في الجمعة والأعياد.
وهذا الدارقطني يقول: كان ابن قتيبة متكلم أهل السنة يميل إلى التشبيه، منحرف عن العترة (1).
وبهذا يتبين بأن أغلب أهل السنة والجماعة كانوا منحرفين عن عثرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
وهذا المتوكل الذي لقبه أهل الحديث ب " محيي السنة والذي كان يكرم أحمد بن حنبل ويعظمه ويطيع أوامره في تنصيب القضاة، كان من أكبر النواصب لعلي ولأهل البيت (عليهم السلام) حتى وصل به الحقد إلى نبش قبر الحسين بن علي ومنع من زيارته، وقتل من يتسمى بعلي. وذكره الخوارزمي في رسائله وقال بأنه كان لا يعطي مالا ولا يبذل نوالا إلا لمن شتم آل أبي طالب (عليهم السلام) ونصر مذهب النواصب (2).
وغني عن التعريف بأن مذهب النواصب هو مذهب أهل السنة والجماعة فناصر مذهب النواصب المتوكل هو نفسه محيي السنة فافهم.