عليك الكتاب تبيانا لكل شئ (النحل 89). ويقول: ما فرطنا في الكتاب من شئ (الأنعام: 38) وكذلك قوله: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ( الحشر: 7).
وقال أيضا لرسوله: إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله (النساء: 105).
فكيف يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد هذا لمعاذ: إن لم تجد في كتاب الله ولا في سنة رسوله؟! وهل هذا إلا اعتراف بأن كتاب الله وسنة رسوله ناقصان ولم يبينا كل الأحكام القضائية!
ولقائل أن يقول: ربما كان هذا الحديث لمعاذ بن جبل في بداية الدعوة ولم يكمل بعد نزول القرآن.
قلنا: لا يصح ذلك، أولا: لقول معاذ: أحكم بكتاب الله. فدل على أن كتاب الله كامل عندهم.
وإذا أضفنا إليه قوله: أقضي بسنة رسوله، علمنا بما لا شك فيه بأن الحديث وضع في زمن متأخر جدا عندما كثر القول بالاجتهاد مقابل النصوص، لأن مصطلح كتاب الله وسنة رسوله كان يستعمل دائما فيما بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولا يصح ثانيا لأنه يصبح حجة لكل من جهل أحكام الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بأن يقضي برأيه بما شاء ولا يكلف نفسه معرفة النصوص.
ولا يصح ثالثا لقول الله سبحانه: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون (المائدة: 44 - 45 - 47).
ولا يصح رابعا لأن الذي يجهل الأحكام لا يحق له القضاء ولا الإفتاء حتى يعرف حكم الله ورسوله في ذلك.
وإذا كان النبي نفسه هو رسول الله وقد أعطاه الله سبحانه حق التشريع للأمة فقال: ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم (الأحزاب: 36)، ومع ذلك فإنه لم يعمل طيلة حياته ولم