لقد تجاهل ذلك النفر تحذيرات الرسول من بني أمية (1) والتاريخ الأموي الأسود فعين يزيد بن أبي سفيان قائدا عاما لجيش الشام، ولما مات يزيد ورثه أخوه معاوية كقائد عام ووال على بلاد الشام (2) وأطلق عمر بن الخطاب يد معاوية في بلاد الشام وأعطاه الحرية الكاملة ليفعل ما يشاء، وليجمع كما يشاء وليتصرف على الوجه الذي يريد بلا رقيب ولا حسيب فقد قال يوما لمعاوية: (... لا آمرك ولا أنهاك) (3) وكان عمر يوطد لمعاوية بين الناس فيقول أمام علية القوم وأركان دولته: (إنه فتى قريش وابن سيدها) (4) وكان يقول لعلية القوم: (تذكرون كسرى وعندكم معاوية) (5) وكان عمر يعد معاوية للخلافة ومواجهة الإمام علي في ما بعد لقد خاطب عمر أهل الشورى بقوله: (إذا اختلفتم دخل عليكم معاوية بن أبي سفيان من الشام) (6) وكان عمر يعرف أن معاوية يعد أهل الشام للخروج وأنه سيخرج ذات يوم فقد صرح عمر في يوم من الأيام قائلا: (يا أهل الشام استعدوا لأهل العراق) (7) ومع هذا لم يتعرض له عمر، إنما تركه ليكمل استعداداته وعدته ويخرج في الوقت المناسب المتفق عليه، وكان وراء تأمير عمرو بن العاص ليكون عونا لمعاوية ذات يوم فقد أعلن عمر أمام أركان دولته قائلا: (لا ينبغي لأبي عبد الله - أي عمرو بن العاص - أن يمشي على الأرض إلا أميرا) (8) وأتمها عمر على بني أمية ووضع الأساس المتين
(١٧٧)