وتدمر دون أن يشاهدها أحد من المسلمين؟!!
الحقيقة المرة أن الذين حرضوا المسلمين على الخروج على الترتيبات الإلهية وهيجوا الناس ضدها، وجرأوا المسلمين على نقض أول عروة من عرى الإسلام وهي نظام الحكم، كانوا نفرا من المسلمين، المحسوبين على القلة المؤمنة والذين نالوا شرف صحبة النبي، لقد كانت أفعالهم فتنة، وأشخاصهم فتنة أيضا، وقد كشفتهم تحركاتهم المشبوهة، ووسمتهم تلك التحركات بمياسم لا تخفى على محايد أبدا.
لقد رأيت ما فعله ذلك النفر من مهاجري بطون قريش عندما أمر رسول الله الناس بالخروج في جيش أسامة، كما رأيت أيضا ما فعلوه برسول الله وهو على فراش الموت، ثم رأيت كيف افتعلوا الشعور بالصدمة والفجيعة عندما علموا بوفاة الرسول، وفجأة كأن لم يكونوا في صدمة شبكوا أيديهم معا وتركوا رسول الله جنازة بين أيدي أهله، دون أن يشتركوا بتجهيزه، أو يشاركوا في دفنه، وذهبوا ليستولوا على ملك النبوة أثناء انشغال أصحابه الشرعيين بتجهيز النبي ودفنه، ليضعوا المسلمين في ما بعد أمام أمر واقع لا مجال لدفعه!! متجاهلين بالكامل كافة الترتيبات الإلهية المتعلقة بمن يخلف النبي، وقافزين قفزا كاملا عن النبي وعن بيانه، أو عن نصوص السنة النبوية المطهرة، التي عالجت هذه الناحية وتركت الناس على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك!!
كان الرسول الأعظم قد حذر من ذلك النفر بقوله: (ليردن علي قوم أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم يوم القيامة) (1) وفي رواية أخرى:
(فأقول يا رب أصحابي!! فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) (2)