ولا علم لي أن الخلفاء قد ولوا رجلا واحدا من أهل بيت النبوة أو ممن يواليهم أي عمل من الأعمال، أو أسندوا له أية وظيفة من الوظائف العامة!! لقد كان أهل بيت النبوة ومن والاهم مجردين عمليا من كافة حقوقهم السياسية ومعزولين رسميا عزلا تاما!!
كانت تلك الطواقم غير مؤهلة لقيادة الدعوة، وغير مؤهلة أيضا لقيادة دولة إسلامية، لأنها لا تعرف القرآن الكريم إلا مجملا، ولا تعرف بيان النبي لهذا القرآن، أو سنة الرسول فالقسم الأعظم من هذه الطواقم لم يتتلمذ على يد رسول الله، بل كان يقاوم رسول الله ويحاربه، وبقي في الجبهة المعادية لله ولرسوله وللمؤمنين حتى استسلمت قيادة تلك الجبهة، واضطرت للتلفظ بالإسلام فأسلم هذا القسم تبعا لإسلام قيادة الشرك فكانوا يرون رسول الله في المناسبات، أو عند أسفارهم للمدينة، أو عند الاجتماعات العارضة، ثم إنهم لم يقصدوا تعلم أحكام الدين، وإن قصدوا ذلك فإن المدة المحدودة جدا التي قضوها مع الرسول لا تساعدهم على تعلم أحكام الدين فطوال 21 عاما وهم في معسكر الشرك، الكافر بالكامل بكل ما كان يقول الرسول، فلو افترضنا أنهم خلال السنتين المتبقيتين من عصر النبوة قد استمعوا لماما أو أحيانا لما سيقوله الرسول، لكانت هذه المدة غير كافية لاستيعاب تجارب وعلوم ودروس 21 عاما قد ضاعت عليهم بعد نقض الترتيبات الإلهية المتعلقة بنظام الحكم، أو بمن سيخلف النبي، وجد هذا الطاقم نفسه مع ذلك النفر من مهاجري بطون قريش الذين قادوا عملية نقض الترتيبات الإلهية، وبعد فترة وجدوا أنفسهم هم القادة الحقيقيون للمجتمع الإسلامي، فكان من المفترض أن يتولى هذا الطاقم تعليم المجتمع أحكام الدين، ولكن هذا الطاقم لا يعرف أحكام الدين المتعلقة بالحكم أو بالاقتصاد أو الاجتماع، فكيف يعلم الناس أحكام هذا الدين من يجهلها!! ثم إن وجود تلك الطواقم نفسها معارض لحكم الدين، لأن هنالك من هو أولى منها بحكم الأمة.