ويوضح الرسول الصورة في رواية ثالثة فيقول: (... فيقال لي لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم) (1) ووضح الرسول الصورة أكثر فقال:
(... فقلت ما شأنهم؟ فيقال لي أنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا يخلص منهم إلا مثل همل النعم) (2).
لقد سلط رسول الله بهذه الأحاديث الصحيحة الضوء الكاشف على نفر من أصحابه، قريب منه، ومحسوب عليه، فأكد وبكل طرق التأكيد، بأن هذا النفر لن ينال شرف رفقة الرسول يوم القيامة، ولن يكون حيث يكون الرسول، بل سيكون هذا النفر في مكان آخر مع أشخاص من أمثالهم، والعلة بهذا الطرد من الرحمة الإلهية تلك الأحداث التي أحدثها ذلك النفر بعد وفاة الرسول، فمنذ اللحظة التي صعدت فيها روح النبي الطاهرة إلى بارئها ارتد ذلك النفر على أعقابه، (لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى...) والارتداد والردة لهما معنى محدد باللغة والشرع، والارتداد أسوأ وأقبح عاقبة ونهاية، والمرتد إنسان مطرود من رحمة الله، لأنه عرف وتيقن، ثم جحد وأنكر!! ولا ينفع ذلك النفر المرتد ادعاءهم بأنهم قد آمنوا بالإسلام، ولكنهم لا يقبلون أو كفروا بالأحكام الإلهية المتعلقة بنظام الحكم لأنها ليست مناسبة حسب اجتهاداتهم المريضة لقد عالج القرآن الكريم هذه الناحية، فقال الله تعالى كأنه يوجه كلامه العزيز لمثل هذا النفر: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب).
ولتكون على يقين من صحة وصواب ما ذهبنا إليه، فهل كان بوسع أحد من المسلمين أن يتجرأ فيقول للرسول في منزله أنت تهجر، ولا حاجة