قد يقول قائل إن الخليفة الأول، قد أمر المسلمين بأن لا يرووا شيئا عن رسول الله ولكنه لم يأمرهم بأن لا يكتبوا شيئا عن رسول الله، لكن مرسوم الخليفة من الوضوح بحيث أنه لا يحتمل مثل هذا التأويل، فالخليفة قد جزم بأن التحديث عن رسول الله يسبب الخلاف والاختلاف، وبالتالي فقد أمر المسلمين بأن لا يحدثوا أي شئ عن رسول الله، وسواء أخذ هذا التحديث صورة المشافهة أو صورة الكتابة فإنه ممنوع حسب نص هذا المرسوم، لأن الخليفة أراد أن يحتاط فيقطع دابر الخلاف بقطع مصدره أو منبعه القادم من سنة رسول الله، فإذا نهى الخليفة عن التحديث فهو ضمنا ينهى عن الكتابة، لأنها أدوم وأبلغ في التأثير والثبات والشيوع والانتشار.
الخليفة الأول يحرق سنة الرسول التي جمعها بنفسه لم يكتف الخليفة بهذا المرسوم الذي منع بموجبه المسلمين من أن يحدثوا أي شئ من سنة رسول الله، بل تناول الأحاديث التي جمعها بنفسه، وسمعها بنفسه من رسول الله، فأحرقها!! قال الذهبي: " إن أبا بكر جمع أحاديث النبي (ص) في كتاب، فبلغ عددها خمسمائة حديث، ثم دعا بنار فأحرقها " (1) روى القاسم بن محمد أحد أئمة الزيدية عن الحاكم بسنده إلى عائشة قالت: " جمع أبي الحديث عن رسول الله، فكانت خمسمائة حديث فبات ليله يتقلب، فلما أصبح قال أي بنية، هلمي الأحاديث التي عندك، فجئته بها فدعا بنار فأحرقها " (2).
فالخليفة صاحب النبي 23 عاما، وصاهره، ولازمه، وشهد كل مواقعه كما يجمع المؤرخون على ذلك. وفوق هذا وذلك فهو يقرأ ويكتب، فهل