برسول الله، والاستهانة بسنة الرسول، وبكافة الترتيبات الإلهية التي أعلنها رسول الله والمتعلقة بنظام الحكم أو بمن بخلف الرسول!! لقد أوجد ذلك النفر المناخ الملائم لنقض عرى الإسلام كلها عروة بعد عروة، بل وقادوا بأنفسهم كما سنرى عملية نقض عرى الإسلام خطوة خطوة!
لقد استنفر ذلك النفر من المهاجرين كافة أعداء الله ورسوله السابقين، كما أيقظ المنافقين من غفلتهم، وهيجهم ضد الترتيبات الإلهية، واستعان بهم لنقض عرى الإسلام عروة عروة، وجعل لهم مصلحة في هذا النقض حيث استعان بهم، وأشركهم معه بالأمر، قال ابن حجر في فتح الباري:
(والذي يظهر من سيرة عمر في أمرائه الذين كان يؤمرهم في البلاد أنه كان لا يراعي الأفضل في الدين... فلأجل ذلك استخلف معاوية والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص مع وجود من هو أفضل منهم في أمر الدين والعلم) (1).
قال حذيفة - أمين سر رسول الله على المنافقين - لعمر بن الخطاب يوما عندما رأى الفجار والمنافقين يتولون المناصب الحساسة في الدولة: (يا عمر إنك تستعين بالرجل الفاجر) (2) وقال حذيفة نفسه مرة أخرى لعمر:
(والله يا عمر إنك تستعمل من يخون وتقول ليس عليك شئ وعاملك يفعل كذا وكذا) (3).
وكان عمر يعلم أن الذين يستعين بهم ويعينهم أمراء، وولاة وقادة فجار أو منافقون أو خونة لله ولرسوله، ولكنه كان يبرر استعماله لهم واستعانته بهم بالقول: (نستعين بقوة المنافق وإثمه عليه) (4).