لقد كانت علاقة ذلك النفر بزعامة بطون قريش وتبعيته لها علاقة وتبعية من نوع خاص، له القدرة على اجتياز كل المحرمات وإثبات وجوده، ولم يستطع هذا النفر أن يتخلص من الإحساس بالتبعية حتى بعد انتصار الإسلام وهزيمة زعامة البطون!! انظر إلى قول عمر عن معاوية: (أنه فتى قريش وابن سيدها) (1) القرآن الكريم اعتبر أبا سفيان أحد أئمة الكفر، والرسول الأعظم لعن أبا سفيان وابنيه يزيد ومعاوية كما وثقنا (2) وتاريخ أبي سفيان في محاربته لله ولرسوله من الوضوح بحيث لا يخفى على أحد، ثم إن الرسول قد حذر من بني أمية عامة ومن أبي سفيان وبنيه خاصة، ومع هذا فإن عمر بن الخطاب قد قفز عن تلك الحقائق وبقي على يقينه واعترافه قبل الإسلام بأن أبا سفيان هو سيد قريش، وأن عمر وهو الخليفة أحد تابعيه!! فلم يعتبر عمر نفسه ولا في أي يوم من الأيام سيدا لقريش لأن سيدها معروف وهو أبو سفيان، لقد كان ذلك النفر مأخوذا بحبه لقريش، وزعامتها، وتعصبه لهما، وكان ذلك النفر يجهر بذلك ويجاهر به حتى في الظروف العصيبة، وقد وثقنا ما قاله أبو بكر وعمر في بدر قبل بدء المعركة، لذلك فإن هذا النفر قد اعتبر أن مجرد إعلانه بأنه مع النبي وأنه ليس مع زعامة البطون يعتبر تضحية كبرى تستحق مكافأة كبرى وعظمى أقلها الرئاسة من بعد النبي، وهذا ما جذر أطماع ذلك النفر بالرئاسة بعد النبي، وغذى حرصهم عليها، وضاعف من جهودهم للحصول عليها، وهون عليهم كل عسير لبلوغها.
2 - شبكة هائلة من العلاقات: لقد اشتد الصراع بين الكفر بكل أشكاله وبين الإيمان، واتسع نطاق هذا الصراع حتى شمل الجميع،