ثم إن الإمام عليا أخذ معه السيدة فاطمة ويداه في يدي ابنيه الحسن والحسين، وسار بهم ليلا إلى بيوت الأنصار يسألهم النصرة، وتسألهم فاطمة الانتصار فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو أن ابن عمك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به، فيقول علي:
: " أفكنت أترك رسول الله ميتا في بيته لم أجهزه، وأخرج إلى الناس أنازعهم في سلطانه!! وتقول فاطمة: ما صنع أبو حسن إلا ما كان ينبغي له، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم عليه " (1) وإلى هذه الواقعة أشار معاوية (2).
لقد أمتنع الأنصار عن نصرة الإمام علي وحمايتهم له ولأولاده بحجة أنهم قد بايعوا أبا بكر، وقبل بيعتهم لأبي بكر كانوا قد بايعوا رسول الله على أن يحموه ويحموا ذريته كما يحمون أنفسهم وذراريهم، لذلك قال الإمام جعفر الصادق يوما: " فوالله ما وفوا له حتى خرج من بين أظهرهم، ثم لا أحد يمنع يد لامس، اللهم اشدد وطأتك على الأنصار على الأنصار " (3).
إما التسليم أو الدخول في مواجهة انتحارية الانقلابيون هم القوة الحقيقية في المجتمع، فقد ضم تحالفهم بطون قريش كلها المهاجر منها والطليق والمنافق بلا استثناه، بالإضافة إلى أكثرية الأنصار التي هالتها قوة هذا التحالف فاستسلمت الأنصار لتسلم، وتورط الكثير منهم بالانقلاب طمعا بالمغانم وهروبا من المغارم، بالإضافة إلى المرتزقة من الأعراب الذين يوالون من يعطيهم، والمرتزقة على علم بأن المال والمغانم ستكون بيد الانقلابيين ومن والاهم لذلك مالوا مع الانقلابيين، ولقد مد الانقلابيون نفوذهم حتى داخل بيت الرسول، فصارت عائشة أم المؤمنين معهم وحافزها على ذلك حبها لأبيها ولقومها بطون