بعد سقوط الدولة الأموية، قامت على أنقاضها الدولة العباسية التي وجدت الباب مفتوحا للكتابة والرواية والتدوين والتأليف ووجدت القبول العام بذلك كله، وكان على رأس الدولة العباسية أبو جعفر المنصور، وهو عالم فذ وفق موازين عصره، فاستنهض علماء زمانه، فدونوا المحفوظ بالصدور، ورتبوا ما وصل إليهم من الصحف، وجمعوا الحديث والفقه، وأمدهم بما يحتاجونه، ولم يكتف بذلك بل كلف العلماء والمترجمين بأن ينقلوا له علوم الأمم الأخرى ويترجمونها من اليونانية والسريانية والفارسية إلى اللغة العربية، فانتشرت سريعا كتب الحديث والتفسير والفقه والسياسة والحكمة والطب والفلك والتنجيم والفلسفة والمنطق والتاريخ والأيام وغيرها، واستقرت مهنة الكتابة والتأليف، ثم أخذت تتطور تطورا نوعيا شاملا وفي كل فرع من فروع العلوم حتى وصلت للأفضل.
كتابة سنة الرسول ومراحل تطورها كانت كتابة سنة الرسول هي السبب المباشر لفتح باب الكتابة والتدوين، فمع إباحة كتابة وتدوين سنة الرسول، أبيحت كتابة وتدوين كل العلوم، وقد مرت كتابة سنة الرسول بالأطوار والمراحل نفسها التي مرت بها أكثر العلوم، ففي البداية كانت نصوص سنة الرسول تكتب في صحيفة واحدة، مع التفسير والفقه واللغة، لأن الكتابة كانت انعكاسا لمجالس العلم التي تتطرق لأمور مختلفة في مجلس واحد، ثم نمت هذه الصحف وبنموها نمت " الكمية " المكتوبة فيها من سنة الرسول، ثم خطرت ببال البعض فكرة تخصيص صحف خاصة لسنة الرسول، وكانت هذه الصحف تشتمل على حديث الرسول وأقوال الصحابة، وفتاوى التابعين.
في بداية القرن الثالث الهجري وجد شكل آخر لتدوين سنة الرسول، وهو تدوين حديث الرسول وحده، دون أن تدون فيه أقوال الصحابة أو فتاوى التابعين، فظهرت المسانيد كمسند العبسي الكوفي، ومسند البصري، ومسند