مسألة من يخلف النبي ويقوم مقامه كانت محسومة تماما، وعبادة بن الصامت هذا هو أحد النقباء الاثني عشر الذين شكلوا أعمدة المجتمع الإسلامي في المدينة، وهم بمثابة ممثلي الأمة الجديدة.
وبعد الهجرة من مكة إلى المدينة، واشتعال المعارك الحربية بين رسول الله ومن اتبعه، وبين بطون قريش ومن اتبعها، تألق نجم الإمام علي بن أبي طالب، واكتمل عزه، في بدر، وأحد، والخندق، وخيبر، وحنين، وطبقت سمعته الآفاق، وصار الرجل الثاني بعد النبي، وتوج واقعيا كفارس أوحد للعالم واقتنع الصديق والعدو أنه ليس في العالم كله رجل واحد يستطيع أن يغلب الإمام عليا، وأن كل شجاعة دون شجاعته، وكل رجولة دون رجولته، وكل مكانة دون مكانته، وأن الرجل لا يقهر لأن الله قد خصه بقوة ربانية خارقة، مثلما خصه بعلم النبوة، وشرف القربى القريبة من النبي.
هذا السجل الحافل بالأمجاد هيأ المناخ الملائم أمام النبي ليقدم الإمام علي بن أبي طالب كخليفة له، وكقائم بالأمر من بعده، وكنائب عنه في شؤون الدنيا والدين، وكولي لعهده، لذلك أبرز رسول الله مؤهلات الإمام علي، وملكاته، وبين شرفه، وعزه وعلو مكانته، بكل طرق البيان المألوفة، واتبع النبي ما أوحي إليه من ربه، وعلى مرأى ومسمع من خاصة الأمة وعامتها تابع رسول الله الاعلان والبيان عن تميز ومؤهلات الرجل الرباني الذي اختاره الله وأعده وأهله ليكون أوحد زمانه في كل فضيلة، ومستودع علم النبوة اليقيني، والرجل المؤهل لخلافة النبي) (1).
صلة القربى بين النبي وبين من سيخلفه فهو ابن عمه الشقيق، فأبو طالب هو الذي كفل النبي ورباه، فكان بمثابة أبيه وقد عبر رسول الله عن ذلك بقوله: (يا عم ربيت صغيرا، وكفلت يتيما، .