وأما التقشف والفقر وتعذيب الأبدان بالجوع والعطش وخشن اللباس، فقد أعاده المسيحيون إلى الاقتداء بالسيد المسيح في زهده واحتماله الآلام، وبما جاء في أعمال الرسل: إنه بمضايقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله.
وأما الطاعة التامة التي يدين بها الرهبان لرؤسائهم فيرجعونها إلى قول المسيح: مع كونه ابنا تعلم الطاعة (1).
والباحث في مقارنة الأديان يجد أن المسيحيين في تصرفاتهم هذه اتبعوا المنهاج الهندي دون تحريف، فالترهب والتبتل وتعذيب الجسم... هي سياسة الهندوسية والبوذية التي وصفناها بوضوح في كتابنا (أديان الهند الكبرى).
وليس الالتحاق بالرهبنة شيئا يسيرا، فطالب الالتحاق يختبر ويمر بتجارب حتى يعترف الرهبان بأنه مستحق، وحينئذ يرقد على ظهره أمام الهيكل ويصلي الرهبان عليه صلاة خاصة، مضمونها أن هذا الرجل قد ترك العالم كأنه مات، ولم يحسب ضمن أبناء هذا العالم أي ضمن العلمانيين.
ويرى الباحثون الأقباط أن نظام الرهبان نشأ في مصر أول ما نشأ، ثم نقله الرهبان الأقباط إلى إيطاليا وفرنسا وغيرهما من الدول (2).