نحوكم، وهأنذا قد بلغت من الكبر عتيا، ويحتم علي واجبي أن أصارحكم بأن أعباء الملك فوق مقدرتي الآن، وأراني أضعف من أن أتحملها، وهذه الأعباء تحتاج إلى رجل أقوى مني جسدا وعقلا، وإنكم لتعرفون راما ابني، ولا تخفى عليكم مزاياه التي تؤهله ليكون ولي عهدي، وينوب عني في الحكم ما دمت حيا، ويخلفني بعدي، ويخدم شعبه كأبيه، هذا رأيي أنا، ولكم الحرية التامة في قبوله أو رده، فإن قبلتموه فذاك ما أريد، وإن رفضتموه واخترتم رجلا غيره فإني أنزل على إرادتكم، وأقبل قراركم بطيب نفس، لأن غايتكم وغايتي واحدة، هي دخمة الشعب وخير البلاد. " وخرج الملك وترك الأعضاء ليتناقشوا، فاتفقت كلمتهم على قبول راما وليا للعهد ونائبا عن الملك في حياته، على أن يكون ملكا بعد وفاة أبيه إن سار سيرة والده في الحكم.
فلما بلغ دساراتها ذلك عاد للمجلس ومعه راما وخاطبه أمام المجلس قائلا:
" لقد وقع اختيار مجلس الشعب عليك لتكون ولي عهدي ونائبي في الحكم وخلفي في الملك بعد مماتي، وبما أنك أكبر أولادي من زوجتي الأولى التي هي كف ء لي في العز والمجد، فأنت أحق أولادي بالشرف الذي رآك المجلس أهلا له، ومزاياك المعروفة جعلتك خليقا لتخدم شعبك، فعليك أن تخفض جناحك لرعيتك، وتسهر لراحتها ورفاهيتها، وتعدل في الحكم، وتنصف سائر الناس، وليكن الصغير والكبير سواء عندك في الحكم، ولا تؤثرن نفسك على المصالح العامة، ولا تخلدن للراحة والتمتع بلذائذ الحياة، وليكن همك الوحيد رضا الشعب وهناءه، فالملك يجب أن يكون محبوبا لدى شعبه، محمودا في سيرته وأشقى الناس وأنحسهم الملك الذي تمقته رعيته، لأن من يمقته خلق الله يمقته الله. "